باتت ليبيا في عهدة حكومتين بعدما قرر المؤتمر الوطني (البرلمان المنتهية ولايته) تكليف المحامي عمر الحاسي تشكيل حكومة منافسة للتي يرأسها عبدالله الثني تنفيذاً لطلب «تحالف الثوار» المنضوي في إطار عملية «فجر ليبيا» والذي أحكم سيطرته على العاصمة طرابلس ومطارها. (للمزيد) كما بدا الجيش الليبي منقسم الولاء بين رئيس الأركان جاد الله العبيدي المدعوم من «الثوار» ومنافسه العقيد عبدالرزاق الناظوري الذي عينه البرلمان الجديد في هذا المنصب ورفضته قيادات في الجيش اجتمعت في طرابلس أمس، باعتباره موالياً للواء المتقاعد خليفة حفتر الذي يقود حملة ضد الإسلاميين. وفي وقت استمر الجدل حول هوية الطائرات المجهولة التي أغارت على مواقع قوات «فجر ليبيا» في طرابلس الأسبوع الماضي، قال مبعوث الجامعة العربية الى ليبيا ناصر القدوة لـ «الحياة»، إن الغارات «قامت بها أطراف غير عربية»، مشيراً إلى أن الطائرات أتت «من جهة البحر المتوسط». وأضاف القدوة أن قرار البرلمان الليبي الجديد تصنيف قوات «فجر ليبيا» بأنها جماعات إرهابية «لم يكن دقيقاً، وسيجلب إشكالات كبرى، ذلك أن التصنيف لا بد أن يستند إلى معايير قانونية واضحة»، مؤكداً سلامة هذا التصنيف في ما يتعلق بتنظيم «أنصار الشريعة» الذي يرفض مبدأ الدولة المدنية في ليبيا. أتى كلام القدوة على هامش مشاركته في اجتماع وزراء خارجية دول الجوار الليبي الذي انعقد في القاهرة أمس، واتهم خلاله وزير الخارجية المصري سامح شكري «أطرافاً» لم يسمها بالتآمر على الاستقرار في ليبيا. ودعت الدول الست المشاركة في الاجتماع إلى «نزع متدرج لسلاح الميليشيات» في ليبيا، وأكدت رفضها أي تدخل أجنبي في هذا البلد، وتعهدت بتقديم المساعدة للحكومة لـ «تأمين الحدود». كما طالبت في بيان في ختام الاجتماع، بـ «وقف فوري لكل العمليات المسلحة، من أجل دعم العملية السياسية وتعزيز الحوار مع الأطراف التي تنبذ العنف، وصولاً إلى تحقيق الوفاق الوطني والمصالحة ووضع دستور جديد للبلاد». وأكدت على «الدور الأساسي والمحوري لآلية دول جوار ليبيا وخصوصيتها، في ما يتعلق بتطورات الوضع في ليبيا وضرورة إشراكها في مختلف المبادرات الإقليمية والدولية الهادفة إلى إيجاد تسوية توافقية للأزمة الليبية». وكان ملفتاً أن الاجتماع سبقه اتفاق بين الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة ورئيس حركة «النهضة» التونسية راشد الغنوشي على رفض أي تدخل خارجي في ليبيا، ما انعكس تنسيقاً بين ممثلي البلدين خلال اجتماع القاهرة، حيث أكد وزير الخارجية التونسي المنجي حامدي رفض دول جوار ليبيا أي تدخل عسكري أجنبي، مشدداً على أنها مجتمعة تفضل الحل السياسي. في غضون ذلك، لاحت بوادر خلاف بين «الثوار الإسلاميين» وتنظيم «أنصار الشريعة» المتشدد الذي يسيطر على أجزاء كبرى من مدينة بنغازي. أتى ذلك بعد بيان للتنظيم دعا فيه قوات «فجر ليبيا» إلى «الاتحاد في الأهداف والغايات والمقاصد مع المجاهدين الذين أعلنوا أنهم يرفضون كل المشاريع الغربية والمتسلقين وطلاب السلطة، فسيروا بسيرهم وارفضوا كل مشاريع العملاء والمندسين والمنافقين». وتابع التنظيم مخاطباً «الثوار»: «أعلنوا أن قتالكم من أجل الشريعة الإسلامية لا من أجل الشرعية الديموقراطية حتى يجتمع الجميع تحت راية واحدة وتزداد قوة أهل الحق وتضعف قوة أهل الباطل». ودعا البيان إلى الحذر من «اللعبة التي يخطط لها الغرب الآن بعد الانتهاء من القتال الدائر، وهو ضربكم بالمجاهدين واستعمالكم لقتالهم بحجة أنهم متطرفون لا يريدون الأمن والأمان».