موروث وفي ساحة ميدان يقولون إنها أعداد للحرب.. تحضر لتشاهد استعداد المقاتلين.. تتخيل أنك هناك ستشاهد في هذا الميدان أنواعاً من البسالة والإقدام والفتوة وتتفاجأ.. بطبل تطلع منه إيقاعات وأكثر من طبل يقرع وأيضاً أكثر من آلة (للدف) وكأنني دخلت ساحة (طرب) و (غناء) شبيهة بما كنا نسمع عنه بما كانت تسمى بالحانات أيام العصر العباسي.. وهناك في ذلك الميدان مجموعة من الراقصين يرقصون برقص جنوني تهتز أردافهم هزا.. ومن بين الصفوف تنطلق مجموعة وكأنهم كانوا مكبلين بالقيود ويقفزون عاليا.. ويتمايلون ويحركون أيديهم.. وتوجد في منتصف ذلك الميدان منصة.. يوقف قرع تلك الطبول.. ويأتي بما يسمى شاعرا ويردد كلاما بلحن عذب.. ألفاظه ركيكة.. عباراته لاترتقي لذائقة من يملك إذناً تتذوق الشعر. وبعض المرات يأتي من (ينقط) على ذلك (المغني) عفوا ذلك (المستشعر) بعضا من الدراهم لا أدري كم، ولكن يضعها في (جيبه) الذي على صدره الأيسر.. يُقال إنها كسوة.. وهذا الشويعر حضر بمبلغ مالي . استغربت جداً مما قيل لي إن هذا الشيء معراض (حرب) واستعداد الصفوف للقتال.. أهكذا كان يفعل أجدادانا للاستعداد للحرب.. أم نحن كذبنا كذبة على أجدادنا (وصدقناها). منذ قديم الأزل نعلم أن هناك من الشعراء من يشحذ بشعره وهم شعراء فطاحلة.. ولكنهم كانوا يقصدون بلاط وساحات الملوك والأمراء ويلقون قصائدهم في مجلس برزانة وثقل وبإلقاء رجولي فيه الصوت الخشن ظاهرا.. وليس (بألحان عذبة).. ثم يجلس بعد انتهاء قصيدته في المجلس.. ويأخذ مبلغا من المال دون أن يعلم كم هو.. ودون أن يشترط المبلغ المالي.. لإلقاء قصيدته.. لا أعلم.. مالذي يجري في ساحاتنا وعندما ننتقدهم يزبدون ويرعدون.. (ويحك هذا موروث أجدادك.. هذا عرضة الحرب والقتال.. أنت بائع لأصلك..) يسمعوننا تلك العبارات.. من أجل أن أستمع لألفاظ ركيكة.. أو أن أشارك في التمايل والاهتزاز عندما أسمع صوت ذلك الطبل.. لا نعلم متى سيتغير الحال.. يدفع في هذا الهراء مبالغ مالية عالية لإقامة هذا الموروث ولو يأتي مسكين يطلب مالا من صاحب هذا الاحتفال لن يعطيه ريالاً واحدا.. سيتغير الحال ولكن بشرط يقل التطبيل لهذا الهراء واعتباره موروثا فقط ويقام في الجنادرية أو للتعريف بموروث المنطقة.. فباختصار ألا يتعدى هذا الشيء كلمة (موروث).. أعلم أن هناك من سيهاجمني بقسوة.. ولكن هذا رأيي فمن وافقني على الرحب والسعة ومن عارضني فأيضا على الرحب والسعة.