×
محافظة المنطقة الشرقية

تعليم صبيا يعتمد خطة التوجيه والإرشاد لاستقبال المستجدين

صورة الخبر

الحالمون هم الذين يصنعون المستقبل؛ فكل الاختراعات العظيمة بدأت بأحلام سخر منها الفاشلون. يخطئ من يظن أن جائزة نوبل هي المعيار العلمي الأعظم للاختراعات والاكتشافات العلمية؛ فمخترعو الطائرة (الأميركيان الأخوان رايت)، والسيارة (الألمانيان دملر)، والسينما (الأخوان الفرنسيان لوميير)، والتلفزيون (الاسكتلندي بيرد)، والمصباح الكهربائي (الأميركي أديسون)، والطباعة (الألماني غوتنبرغ)، وقلم الحبر (الأميركي ووترمان)، والراديو (الإيطالي ماركوني)، وآلة القانون الموسيقية (العربي الفارابي)، والبرياني (المهراجا أميتاب باتشان الأول في حفلة طهور ابنه البكر أميتاب باتشان الثاني الذي أصبح جداً اليوم)، كل هؤلاء لم ينالوا جوائز نوبل في العلوم والاكتشافات والاختراعات، لكنهم نالوا رضا الأمم والشعوب (ورضا والله وراضيناك) كما قال المطرب الجميل طلال سلامة. هؤلاء العباقرة حلموا ونجحوا في تحويل أحلامهم التي كانت مستحيلة إلى واقع ملموس ومفيد وحيوي لا يستغني عنه رعايا بان كي مون ولا رعايا بوكو حرام. ومثلما يقال إن طالب الولاية لا يولى، فإن طالب الجائزة لا يُجأز. وتستفزني كثيراً، وربما غيري مثلي، الجوائز الأدبية أو الإعلامية أو الفنية أو البحثية التي تشترط، بين اشتراطاتها، أن يقدم طالب الحصول على الجائزة، التماساً مشفوعاً بسيرته الذاتية ونماذج من كتاباته أو مؤلفاته أو أنشطته أو أبحاثه ليصبح مرشحاً بين مئات المرشحين لنيل الجائزة! ولا يضع القائمون على مثل هذه الجوائز، وبعضها جوائز محترمة فعلاً، أي اعتبار لكرامة وعزة نفس كثير من المبدعين الذين يفضلون أن يتم اختيارهم لنيل الجائزة من قبل هيئة تحكيم كفوءة وليس عن طريق «طلبات المستمعين» أو المشاركين. فنجيب محفوظ لم يقدم طلباً لمؤسسة نوبل للحصول على جائزتها، بل إنه شرف للجائزة نفسها أن تُمنح لهذا الروائي الفذ. وكل الفائزين بجوائز أوسكار السينما لم يقدموا طلبات لنيل الأوسكار، لكنهم نالوه باستحقاق رفيع أجمعت عليه ترشيحات هيئات فنية رفيعة. عملاق الشاشة السينمائية شارلي شابلن أكثر استحقاقاً لنيل جائزة نوبل للسلام من باراك أوباما أو مناحيم بيغن أو حتى أنور السادات. وانظروا كيف أثر شابلن في مليارات البشر جيلاً بعد جيل. لكن هذه هي وجهة نظر لجنة نوبل. وكنا قرأنا قبل أربع سنوات عن اقتراح سخيف وطريف قدمه بعض المنافقين العراقيين لمنح نوري المالكي جائزة نوبل للسلاح.. أقصد للسلام، وكأن هذه الجائزة كرة قدم من تلك التي يُقدمها بعض مطاعم الوجبات السريعة هدايا لمن يشتري وجباتها. ومن يدري، ربما نسمع عن ترشيح بشار الأسد أو أبو بكر البغدادي أو نتنياهو أو «رامز قرش البحر» لنيل هذه الجائزة! قبل سنوات ليست بعيدة زار رجل فرنسي عادي المنتجع المصري شرم الشيخ، ثم خرج بسيارة دفع رباعي يستكشف صحراء سيناء بعيداً عن شرم الشيخ ببضع كيلو مترات، ووقف وسط الرمال والصخور يتأمل الطبيعة، ثم جاءته فكرة مجنونة، كأنها ضربة شمس، لبناء دار سينما في تلك الصحراء شبه المهجورة! عاد إلى فرنسا وحصل على تمويل لفكرته ثم رجع إلى القاهرة واشترى مقاعد خشبية أصلية من قاعة سينما قديمة مغلقة ونقلها إلى تلك البقعة النائية، ثم أحضر من فرنسا شاشة عملاقة كأنها شراع سفينة ومولدات كهرباء ضخمة وآلة عرض سينمائي، واستعد لافتتاح أول دار سينما في قلب الصحراء. فهناك نبتت الفكرة، وهناك يمكن أن تصبح حقيقة يتم تثبيتها في موسوعة غينيس للابتكارات والاختراعات والأرقام القياسية، وربما منح صاحبها جائزة عالمية في السياحة أو البيئة أو المغامرات. لكن مجهولين قاموا قبل الافتتاح بتدمير مولدات الكهرباء وتبديد ذلك الحلم الذي تحول إلى مائة كرسي تغطيها الرمال، مازالت موجودة في ذلك المكان النائي، وسط الصحراء في انتظار حالم آخر من أولئك الذين يصنعون المستقبل.