×
محافظة المنطقة الشرقية

آبل تخطط لإطلاق أكبر ايباد على الإطلاق

صورة الخبر

كثيرة هي المفاهيم الإسلامية التي تعرضت للتشويه والتحريف والتجريف في عصرنا الحديث، على يد بعض الفئات، سقيمة الفكر، عقيمة الفهم، فاسدة التصور، من هذه الأمة، وعلى يد جهات خارجية متربصة موتورة، عملت على استثمار ذلك الواقع المرير في الإساءة للإسلام، من خلال تشويه أركانه ومصطلحاته. ومن أهم المفاهيم التي تعرضت للتشويه خلال الفترات السابقة، مفهوم الجهاد في سبيل الله، وهو المفهوم الذي تواترت على شرعيته نصوص الكتاب والسنة، ولم نقف على أحد ينكر شرعية الجهاد في سبيل الله، إذ هو شريعة وركيزة أساسية في هذا الدين، قام به نبي الأمة، صلى الله عليه وسلم، ومن أتى بعده من الخلفاء الراشدين. وتجلت عظمة الإسلام، فيما يخص مفهوم الجهاد في سبيل الله، في الآداب التي احتفت بممارسة الجهاد؛ إذ كان الرعيل الأول من هذه الأمة، يدرك تماماً أهداف الجهاد في سبيل الله، ومن ثم كانت غزواتهم تتجلى فيها عظمة الإسلام وآدابه، التي حملت الناس على الدخول في هذا الدين رغبة، وليس رهبة. فقد أخرج أبو داوود بسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث جيشاً قال: انطلقوا باسم الله، لا تقتلوا شيخاً فانياً، ولا طفلاً صغيراً، ولا امرأة، ولا تغلوا، وضموا غنائمكم، وأصلحوا وأحسنوا، إن الله يحب المحسنين. [سنن أبي داوود: 2614]. ولم يسلم مفهوم الجهاد في سبيل الله من التشويه على يد بعض أبنائه، الذين قلَّ فقههم، وغاب وعيهم، فكان خطؤهم في الفهم والسلوك، حملاً ثقيلاً على الأمة كلها، حينما أسرفوا في الدماء المعصومة، ووجَّهوا أسلحتهم نحو أوطانهم وأبناء جلدتهم، تحت دعاوى ومبررات واهية، تؤكد على قصور شديد في فهم هذا الدين وأركانه ومفاهيمه، ومن بينها مفهوم الجهاد في سبيل الله. كما دعتهم قلة الفقه والوعي بحقيقة هذا الدين، إلى الإسراف في الدماء، والقيام بما أسموه غزوات، قتلت المئات من غير المسلمين في الغرب، تحت راية الجهاد، وهي بريئة تماماً من قتل تلك الأنفس، التي حرَّم الله -عز وجل- قتلها، ولا يوجد في شرعتنا ولا عقيدتنا ما يدعو أو يبرر سفك دمائها. وعلى نفس النهج، تم اغتيال مفهوم الدولة الإسلامية، وتشويه صورتها في الأذهان، ببعض الحماقات التي يرتكبها بعض أبناء هذه الأمة، والذين يسيرون على غير هدى ولا بصيرة ولا علم؛ إذ جعلوا الدولة الإسلامية في الأذهان تعني قطع الرؤوس وجزَّ الرقاب وسبي النساء والأطفال. وتلقَّف الغرب هذه التصرفات المشينة، وجعل الضوء مسلطاً عليها، مشدداً على أن تلك التصرفات الخبيثة إنما تقع في إطار الدولة الإسلامية، أو دولة الخلافة، وهو لا يحتاج في تنفير الناس من الدين الإسلامي إلى أكثر من صورة لجز الرقاب وتعلوها راية الدولة الإسلامية. إننا على الحقيقة نرتكب أعظم جناية في حق ديننا الحنيف، حينما نترك ثلة عابثة تقوم بمثل هذه التصرفات الخرقاء، دون جهد واضح وسريع لتدارك حقائق الإسلام ومفرداته التي يتم اغتيالها بدم بارد بكرة وعشياً؛ حفاظاً على قدسية هذا الدين من أن تُنتهك أو تذوب. إن مهمة علماء الأمة الربانيين، أن يبينوا المفهوم الحقيقي للدولة الإسلامية، وما يحتف بها من أمور ضابطة، وإزالة الغبش الذي لحق بهذا المفهوم، على يد أعداء هذا الدين تارة، وعلى يد بعض أبنائه المفتونين تارة أخرى، ونحسب أن ذلك من واجبات وضروريات العصر.