بيروت: «الشرق الأوسط» تتسع دائرة الصراعات العسكرية في سوريا بين الكتائب الإسلامية المعارضة التي يتركز وجودها شمال وشرق البلاد، حيث أعلنت حركة أحرار الشام، المعروفة بتوجهها الإسلامي، أمس، مقتل أحد قادتها الميدانيين، متهمة ما سمتها «فئة باغية تنتسب لإحدى الجماعات المقاتلة» بالوقوف وراء العملية. في حين أكد ناشطون، أن «القيادي في حركة أحرار الشام قتل خلال اشتباكات دارت بين تنظيمه ومقاتلين جهاديين من تنظيم ما يعرف بـ(دولة العراق والشام الإسلامية) المقرب من (القاعدة)». وأوضحوا أن «مجموعة من حركة أحرار الشام حاولت تحرير مختطفين في ريف محافظة إدلب، فاشتبكت المجموعة مع مقاتلي (دولة العراق والشام الإسلامية) وقتل أبو عبيدة البنشي إثر الاشتباكات». ونعت حركة أحرار الشام القيادي المقتول، في صفحتها على موقع «فيس بوك»، مع صورة له كتب عليها عبارة «شهيد الغدر». وتضم هذه الحركة أربعة فصائل إسلامية، هي كتائب أحرار الشام وحركة الفجر الإسلامية وجماعة الطليعة الإسلامية وكتائب الإيمان المقاتلة. وانضوت مع فصائل إسلامية أخرى في الجبهة الإسلامية السورية، إحدى أكبر الجبهات الإسلامية المقاتلة في سوريا. وعلى الرغم من أن الحركة تتشارك مع «دولة العراق والشام الإسلامية» في العقيدة الجهادية فإنها تختلف معها بمسألة تطبيق تعاليم الشريعة الإسلامية في العراق وسوريا. ويتركز وجود هذه الحركة في محافظة إدلب شمال سوريا، حيث برزت قوتها في مواجهة القوات النظامية في عدة جبهات كتفتناز وجبل الزاوية وسراقب وأريحا وتشتمل على عدد كبير من الألوية أبرزها لواء «التمكين» الذي ينتشر عناصره في شمال إدلب. ولا يعتبر هذا الاحتكاك المسلح الأول من نوعه بين «الدولة» وكتائب إسلامية معارضة، فقد سبق لمقاتليها أن شنوا حملة عسكرية ضد مقاتلي لواء «أحفاد الرسول» في مدنية الرقة وتمكنوا من طردهم منها. وفي حين يضع الخبير في الجماعات الجهادية الشيخ عمر بكري فستق هذه الحوادث في الإطار الفردي والأحداث المتفرقة، يؤكد لـ«الشرق الأوسط»، أن انسجاما فكريا إسلاميا متينا يربط الفصائل الجهادية ببعضها البعض ويوجهها ضد عدو مشترك هو نظام الرئيس بشار الأسد. ويشير فستق إلى «وجود مجلس شورى للمجاهدين في سوريا يضم ممثلين عن جميع الفصائل التي تقاتل في سبيل الله. ويترأس هذا المجلس أبو خالد الشامي، حيث اختاره الشيخ أيمن الظواهري لهذه المهمة». وفي حين نفى أن يكون هناك أي تنافس بين القوى الإسلامية حول السلطة أو النفوذ في الوقت الحالي، لفت إلى أن «هذا الوضع قد يختلف بعد سقوط النظام، حيث ستتسع الخلاقات أكثر». وتزامنت المواجهات بين حركة «أحرار الشام» و«دولة العراق والشام الإسلامية» في إدلب مع أنباء نقلها ناشطون معارضون حول نية جبهة النصرة المتشددة لدخول مدينة الرقة وسط البلاد، مما سيؤدي إلى نشوب صراع بينها وبين تنظيم «دولة الإسلام في العراق والشام» ذي الحضور الأقوى عسكريا في المدينة. ونقل ناشط ميداني لم يكشف عن اسمه عن وجود «ميل عند بعض الفصائل المقاتلة في الرقة للوقوف مع جبهة النصرة بعد دخولها إلى الرقة». ولفت الناشط إلى أن حركة أحرار الشام الموجودة في الرقة ستنحاز إلى جبهة النصرة رغم تخوفها من قيام «الدولة» باستهداف عناصرها خارج الرقة، موضحا أن «موقف حركة أحرار الشام نابع من عداء لـ(الدولة) التي قامت بتكفير الحركة في وقت سابق». وفي سياق متصل، نفذ مقاتل من تنظيم النصرة أمس، بعملية انتحارية في مدينة دير الزور، شرق سوريا، حيث فجر شاحنة محملة بالمتفجرات في مدرسة حويجة المريعية على مشارف مطار دير الزور العسكري شرق سوريا، والتي تعتبر من أماكن تمركز القوات النظامية في المنطقة، مما أدى إلى مقتل العشرات من العناصر فيها.