--> دخلت صالة الكلية قبل يومين ورأيت أشرطة ملونة أحمر وأصفر وأزرق ربطت مع بعضها بعضاً وعلقت ما بين الدور الأول والأرضي على السور المطل على الصالة.. تشبه تماماً ما يعلق في احتفالات الأطفال لإدخال البهجة والسرور عليهم.. ولكن ما شأن الطالبات الجامعيات بهذه الزينة الملونة ودار بذهني أنه مظهر من مظاهر النشاط اللامنهجي فقلت لنفسي ما زلنا لا نفرق بين نشاط لطالبات الابتدائية وآخر للجامعيات وبعدها بيوم مررت بالقاعة العامة بعد خروجي من المحاضرة فإذا بصوت أنشودة ما يصدح في أركانها.. وهنا تأكد لي ما ظننته بالأمس فالجمع في القاعة يحتفلن ببدء الأنشطة الطلابية اللامنهجية والتي تلد كل عام توأم أنشطتها في العام الماضي الذي أجلت ولادته. لا شيء يتغير في الشكل ولا في المضمون الأشخاص هم أنفسهم وأسماء المحاضرين هي نفسها إلا ما ندر، الموضوعات تكاد تكون واحدة تعتمد التوجيه والإرشاد الديني والصحي والنفسي.. هذه هي ثلاثية الأنشطة الدائمة ومن حاولن التغيير وبالكاد بدأن بتقديم أفكار مختلفة لم يسعفهن الوقت ولا التغيير الإداري في ذلك.. وبعض آخر يأتي بنية اللاتغيير إما خوفاً أو لعدم القدرة على التجديد. أو لعدم الرغبة في التغيير بشكل كامل فهن يفضلن إبقاء الحال على ما هو عليه فهذا أفضل وأكثر راحة لهن وأكثر ضماناً للحصول على الموافقات. أنشطة لاشيء فيها يجذب الطالبات فيبقى النشاط محصوراً بين فئة معينة منهن أما البقية فيفضلن أن يتسكعن في صالات الكليات ويقضين الوقت في الثرثرة. فتلك الأنشطة لا تلفت انتباههن ولا تقدم لهن ما يرجونه.. ولا تختلف عما كن يجدنه في المراكز الصيفية التي كان الأهل يجبرون بناتهم على المشاركة فيها. كثير من أعضاء هيئة التدريس وإدارات الكليات بل والإدارة العامة للجامعة تدرك أن هذه الأنشطة لا تحقق أدنى فائدة ولا إرضاء الطالبة الجامعية ومع هذا تستلم حقيبة المهمة كل عام إحدى الزميلات ومعها توصية لا ندري من وضعها تقول (إياكن والتغيير) وهي توصية متوهمة ولكنها موجودة وتتناقلها الأيدي عاماً بعد عام!! والجميع أيضاً يدركون أن ما نراه من تفاعل للطالبات في مواقع التواصل الاجتماعية يبرز أسماء واعية وقارئة ومثقفة وذات مطالب مختلفة تناسب ذلك الوعي وذلك التميز الثقافي وعندما لا يتحقق لهن ذلك نكون جميعاً نزيد من اتساع الهوة بين ما هو داخل أسوار المدارس والجامعات وما هو خارجها.. هذه الهوة التي تشكل حالة (فصام جماعي) يعاني منها الجميع ومع ذلك نقرها ولا نحاول تقديم العلاج المناسب لها مع أنه سهل وميسر ومطلوب ولا يتعارض مع المتطلبات المعتادة والتي يتفق عليها الجميع. أرجوكم ألقوا أحجاراً في تلك المياه الراكدة.. املأوا القاعات بالنقاش والتقييم وأفرغوا العقول من التقليدية واستبدلوا الأشرطة الملونة بالموضوعات الملونة بألوان الحياة والواقع والامتزاج الفعلي بين الجامعة وخارجها. وحركوا كل السواكن. Twitter: @amalaltoaimi مقالات سابقة: د. أمل عبدالله الطعيمي القراءات: 1