الملك عبدالله رجل واضح صادق نقي، هكذا عهده أبناء الوطن، يتكلم لهم بوضوح وتلقائية دون تلون أو مخادعة . وفي كلمته التاريخية التى صدرت مؤخراً وضع خادم الحرمين الشريفين ـ حفظه الله ـ النقاط على الحروف، في خطورة المرحلة الحالية التي بدت سطوة الإرهاب تزيد وتتسع، مما يتطلب وقفة حازمة ضد هذا الإرهاب الدموي الكريه. لكن أرى أن كلمات الملك عبدالله مع العلماء المباشرة الصادقة (ترى فيكم كسل، وفيكم صمت ،وفيكم أمر ماهو واجب عليكم.. واجب عليكم دنياكم ودينكم، دينكم ،دينكم. وربي فوق كل شيء) هي الأبلغ وهي مانحتاجه لأنها تبتعد عن الدوران حول الحمى، وتتجه إلى مواجهة الأمر بشكل واضح وصريح . ففي حين نحتاج إلى مستوى متقدم وحديث وصريح من المسؤولية، ونحن نرى شبابنا يتسابقون إلى ترك جامعاتهم ومدارسهم، بل ومواقع ابتعاثهم تاركين أهاليهم ومجتمعهم الآمن المستقر، لكي ينضموا إلى داعش والقاعدة والنصرة وغيرها، ويحملون كل الحقد على وطنهم، وينتمون إلى عوائل معروفة وقبائل كبيرة، منهم الطبيب والطالب والعسكري وشباب الأعمال. وقبل أسابيع انتحر شاب وأصيب آخر هما: عبدالرحمن الشنيفي وعلي الثويني بتفجير نفسيهما في بيروت وعمريهما لم يتجاوز العشرين عاماً، بمعنى أن أعمارهما عند أحداث 11 سبتمبر كان ثماني سنوات، ثم انتحر الشاب فيصل العنزي، وهو طبيب في الخامسة والعشرين، ليكون طبيباً من أطباء داعش، وهناك شابين هما: عبدالعزيز السعوي، وعبدالله السديري، وهناك منشد هو: فيصل الرويلي، وهناك من يتولون مناصب في داعش، أبناء لنا، يهددون وطنهم ويحاربونه.. وحتى لو كان العدد مواطناً واحداً؛ لكفى ليكون الأمر مزعجاً جداً، بل ويقتلون أنفسهم كما حدث في حادث شرورة، التي استشهد فيها أربعة من رجال الأمن رحمهم الله، أمام مقتل خمسة من الشباب السعوديين. ومع هؤلاء الأربعة الأبطال أعداد بالمئات ما بين شهيد ومصاب، خلفّوا أطفالاً ونساءَ أرامل، ووالدين، ومجتمعاً هو في أشد الحاجة لهم . لذا فإن كلام خادم الحرمين الشريفين يضع النقاط على الحروف، فهناك قصور واضح في الأجهزة الدعوية والتربوية والثقافية والإعلامية والاجتماعية وغيرها.. أدت إلى هذه النتيجة . وبكل صراحة يبقى صوت سماحة المفتي واضحاً صريحاً في كل خطبة جمعة، أو درس، أو تصريح، يحذر من الخوارج والتكفيرين، ويحذرالشباب من هذا الفكر، بينما القصور واضح من الكثيرين للأسف. وخطورة هذا التخاذل لايخرج من أمرين: إما خوف من المبادرة، ومن سطوة الجماهير، ومن مغبة توهم الإنسان أن يتدخل فيما لا يعنيه، أو ينتظر التوجيه من أحد، أو ربما يكون متأثراً برؤى وأفكار أخرى، أو يكون طابوراً خامساً متخفياً في انتمائه وولائه لبعض الأحزاب والتنظيمات، حتى ولو كان في عمل رسمي أو خاص، وأخطرها حركة (الإخوان المسلمون) و(السروريون) الذين لهم سطوتهم وماكيناتهم الإعلامية في تويتر، والتغلل بخبث ودهاء وغيرها ضد من يثير الفتنة، حيال موقف المملكة في حروب داعش، وحرب غزة، ويتوافقون في منهجهم مع داعش وإيران والغرب ضد المملكة، وبعضهم للأسف من تلونهم أصبحوا يضللون ويهونون من الأمر . كما أننا بحاجة إلى الحسم في قضية الانتماء فأين مثلاً أصحاب الأتباع في تويتر وغيرها من الدعاة عن كلمة الملك مثلاً، والتي تمثل وجة النظر الصادقة المحبة للعالمين العربي والإسلامي، والدولي، ويفترض في كل مواطن سعودي أن يؤيدها وليس المسؤولون وأصحاب المناصب . ولهذا مادون الحلق إلا اليدين ونكون أولا نكون .