×
محافظة المنطقة الشرقية

شرطة العديد تضبط 43 مخالفاً

صورة الخبر

هل تشعر بوجود خطأ في العنوان!؟ دعنا نبدأ بأول كلمة ونشير إلى أن "الجراحة" مدرسة مختلفة من الطب تعتمد على (مباشرة الداء) بدل علاجه وانتظار شفائه بالطرق التقليدية.. ففي حين يمكن مثلاً استئصال البؤر السرطانية بعملية جراحية سريعة، يستغرق علاجها بالأشعة والعقاقير زمناً طويلاً، ناهيك عن آثارها الجانبية المرهقة.. وفي حين يمكن تخفيض الوزن بقوة الإرادة والحمية الطويلة (وقليل من ينجح ويستمر) يمكن لعملية ربط المعي أو تدبيس المعدة تحقيق نتائج مباشرة وسريعة.. وحتى في علم النفس (وها نحن ندخل على الكلمة الثانية والثالثة) أصبح ممكناً استبدال جلسات التعديل السلوكي والتحليل النفسي بعمليات جراحية تتوجه مباشرة للمواقع المعنية في الدماغ... وهذه الفكرة بالذات تبدو أكثر جاذبية من ربط الأمعاء واستئصال الأورام السرطانية.. فاليوم مثلاً أصبح ممكناً التخفيف من حدة مرض الزهايمر من خلال عمليات تجرى على الدماغ. والأكثر من هذا أن متابعة المرضى أكدت شفاء بعضهم من أمراض نفسية لازمتهم طوال حياتهم (أهمها الوسواس القهري). وكان الطبيب النفسي جال - قبل ذلك بكثير - قد صاغ مايعرف بعلم "قراءة نتوءات الجمجمة". واعتمدت أفكاره على أن كل قدرة عقلية لها مكان في الجمجمة وكلما زاد حجم المكان المخصص لإحدى القدرات دل ذلك على تفوق صاحبها. وبهذه الطريقة قسم رؤوس البشر الى 35 منطقة وخصص لكل منطقة مهمة معينة.. فهذه للعنف أو السلام، وتلك للخداع أو طيبة القلب، والأخرى للتردد أو الثقة بالنفس - وجميعها نتوءات ادعى إمكانية تعديلها بالمطرقة والازميل وآلات الثقب الدقيقة!! ومع صعود هتلر تبنى علماء الأجناس الألمان ذات الفكرة ووصلوا بها إلى حدود عنصرية جداً؛ فقد وضعوا جداول لتحديد مراتب الجنس البشري بأخذ قياسات دقيقة لسطح الجمجمة.. ومن فرط إيمانهم بهذه العلاقة أرسوا قواعد لتحديد درجات الذكاء بين الشعوب. بل بلغ بهم الحماس درجة فرز المهن في ألمانيا حسب نتوءات الجمجمة (فهناك جنس الحمالين والموظفين والخدم والجنود ورعاة المواشي)!! غير أن التقدم الحقيقي ظهر في ستينات القرن الماضي حين نجح الفرنسيون فى وصل أعصاب الإنسان بمجسات كهربائية رقيقة. وهذا بحد ذاته أتاح إمكانية التحكم ببعض مهام المخ من خلال وصلات خارجية.. وفي يوليو 1977 نشرت صحيفة النيويورك تايمز أول تقرير موثق يفضح التجارب السرية الَّتي تقوم بها المخابرات الأمريكية للتحكم بالعقل وتغيير السلوك. وأوردت الجريدة شهادات كثيرة على تنفيذ عمليات جراحية ومجسات الكترونية للتحكم بعقول الناس وتغيير سلوكهم.. واقتضى الأمر أكثر من عشرين عاماً كي تعترف المخابرات الأمريكية بتبنيها مشاريع لهذا الغرض مثل (ام. كي. الترا) و(ام.كي. دلتا) ومشروع (ارتيشوك) وأيضا "جراحات التعديل النفسي" بالتعاون مع جامعات كاليفورنيا! .. وكل هذا أيها السادة ينبئ عن مستقبل قريب تستغل فيه العمليات الجراحية لتعديل السلوكيات السيئة أو الاضطرابات النفسية الحادة. عن مستقبل يمكن فيه إخضاع المجرمين لعمليات جراحية تحد من تصرفاتهم العدائية وميولهم الإجرامية .. وفي حين أصبح معتاداً اليوم إجراء عمليات شفط دهون وتعديل أنوف ورفع أثداء، أتوقع مستقبلاً إجراء عمليات مماثلة ولكن لشفط الغضب، وتعديل المزاج، ورفع الثقة بالنفس.