ـ تغييب كلمة يعتبر ردة فعل من الطراز الأول، وجاهلية واستتباب خرف، ومن يظن أن الكلمات الحرة تُنسى بسهولة فهو خارج التاريخ، أو على الأقل يحاول أن يصنع واقعاً مختلاً لا علاقة له بسير المواقف والأحداث ومزاج البشر الأسوياء!! ـ الكلمة هي التي تصنع التاريخ دائماً، والنفوذ يحاول إلغاء التاريخ الذي ليس على مزاج القادرين، وما بينهما ثمة صراع خفي تقوده في العادة مجموعة من عشاق إخفاء الحقائق وتزويرها لمصالح وقتية شخصية. ـ صرخة النافذ لا تعني أنه متأذ من كلماتك فقط؛ بل تعني (وهذا هو الأسوأ) أنه وصل إلى مرحلة لا يستطيع أن يسمع فيها إلا صوته، ولا أن يقرأ فيها سوى كلمات التمجيد، ولذلك يستغرب أن يأتي أحد ويقول له لقد أخطأت، ويعيده إلى بشريته.. إنه يمر بمرحلة جنون العظمة، وكل من يمر بها لا يريد أن يسمع أو يقرأ إلا معلقات المدح. ـ في نفسية النافذ مشكلات أزلية لا يمكن عدها ولا حصرها، وفي العادة فهو ينفصل عن الوقوع بمجرد إحساسه الأول بالنفوذ، ومن يُنمون فيه هذا الإحساس السيئ هم من يجني عليه في نهاية الأمر، ومن يتخلون عنه قبل أن ينجلي الغبار.. أغلبهم يصبحون شهوداً عليه لا له! ـ الجاهلية لا تنتصر على الكلمات في هذا العصر؛ بل تشدها من أذنيها وتحررها من سطوة الرجعية والتخلف، وكل من يحاول خنق كلمة يرتكب جريمة حضارية من الطراز الأول.. أبداً لم تنتصر ولن تنتصر الجاهلية!!