في موضوعات سابقة عرفنا عما يسمى المناطق الزرقاء، وهو اسم كتاب للمستكشف الأمريكي دان بيوتنر الذي وضع في كتابه أجوبة مختلفة لسؤال واحد: هناك مناطق قليلة حول العالم يَكثر فيها المعمّرون الذين يتجاوزون المائة من العمر، فما سر هذه المناطق؟ في المقالات السابقة رأينا كيف يعيش المعمّرون في 3 مناطق وهي جزيرة ساردينيا المجاورة لإيطاليا، وجزيرة أوكيناوا في اليابان، ومدينة لوما ليندا في ولاية كاليفورنيا الأمريكية، وقد قابل بيوتنر المعمّرين وأخذ أطباء معه ليدرسوا سبب صحتهم، فكان مما يفعله المعمّرون في ساردينيا منذ صغرهم الإكثار من حليب الماعز مثلاً، ومسنوا أوكيناوا اتخذوا مزارع صغيرة في بيوتهم يأكلون منها الثمار الطازجة ويرتاحون فيها نفسياً عند التعامل مع الطبيعة والنباتات، ومما أطال أعمار أهل لوما ليندا -بإذن الله- هو أنهم يخصصون أسبوعاً كاملاً يجتمعون فيه في مكان طبيعي ينسون فيه كل ما له علاقة بالعمل والضغوط، واليوم نصل للمنطقة الزرقاء الرابعة والأخيرة وهي كوستاريكا في أمريكا الوسطى، وما يلي هي العوامل التي اشترك فيها المعمّرون هناك: 1) الهدف: من تعدوا المائة هنا اشتركوا في أنهم لديهم إحساس أن هناك هدفاً من وجودهم، وكلٌّ منهم لديه شيء يعمله ويشعر أنه يشارك في العطاء. 2) الماء: المعمّرون يشربون الماء بكثرة منذ الصغر. 3) العائلة: من تعدوا المائة في كوستاريكا دائماً يعيشون مع عائلاتهم، والأبناء والأحفاد يعطون هدفاً، إضافة لأنهم يرعون المسنين إذا كبروا. 4) العشاء: يأكلون شيئاً خفيفاً في أول الليل وهذا عشاؤهم. 5) العلاقات: أهل هذه المنطقة يكثرون من التزاور فيما بينهم والروابط الاجتماعية قوية. 6) العمل: أهل المنطقة لطالما اشتغلوا بالعمل اليدوي واستمتعوا به. 7) الشمس: نقْصُ فيتامين د من أسباب هشاشة العظام ومرض القلب، لكن 15 دقيقة من أشعة الشمس على الذراعين والساقين تحمي من هذا. 8) النوم: الصغار والكبار ينامون بين 7 إلى 9 ساعات يومياً، والنوم له دور في تقوية جهاز المناعة وحماية القلب. 9) البرتقال: يُكثرون من أكل البرتقال، وهي فاكهة مليئة بفيتامين ج والألياف والبوتاسيوم وحمض الفوليك، وهذه مواد تمنع السرطان والجلطة وأمراض القلب. 10) الذرة: يأكلون الكثير من الذرة المطبوخة، ويقول العلماء إن تعريض الذرة للحرارة (كالشيّ مثلاً) يزيد مضادات الأكسدة فيها. إذاً هذه هي المناطق الزرقاء أيها الأكارم. هذه هي أكثر مناطق في العالم يكثر فيها الذين تجاوزوا المئة من العمر، ورأينا العوامل التي اشتركوا فيها التي قوّتهم وأطالت في أعمارهم بإذن الله، ولاحظنا أن كل واحدة من تلك المناطق الأربع لها عوامل خاصة لا تُرى في غيرها، لكن هناك أشياء مشتركة فيها كلها، وتزيد في الصحة والعمر -بإذن الله- أكثر من أي شيء آخر، والعوامل المشتركة هي التالية: 1) كثرة الحركة: كلما درسنا آثار الرياضة والحركة الكثيرة وجدنا أن منافعها ضخمة، هائلة، عظيمة، لا أول لها ولا آخر. كثرة الحركة هي أهم عوامل طول العمر، وكثرة الجلوس من أسباب المرض والضعف والوفاة. 2) العائلة: كل المعمرين في المناطق الأربع اهتموا بصلة الرحم وبأن يكونوا جزءًا من عائلتهم الكبيرة (بما في ذلك الأعمام والأخوال) وأكثَروا من التزاور والاجتماع منذ الصغر وحتى الكبر. 3) تحاشي الضغوط: الساردينيون عملوا في الحقول بعيداً عن الضغط النفسي، أهل لوما ليندا لهم أسبوع يبتعدون فيه عن الهموم والمشكلات، أبناء أوكيناوا لهم مزارع صغيرة في فناء المنزل يستمتعون بالعمل فيها، شعب كوستاريكا يعملون بأيديهم بجهد وبأهداف. يجب أن تعرف كيف تتعامل مع الضغوط النفسية وإلا أضرت عمرك. 4) الطعام النباتي: النباتات فيها منافع غزيرة، وليست غذاءً فقط بل هي دواء، وأكثر الأدوية أتت من النبات، فاحرص على الخضار والبقول والمكسرات والبذور. 5) الاجتماعية: كل المناطق الأربع يهتم أهلها بأن يكون لهم أصدقاء ومعارف وعُصبة يبقون معهم طيلة حياتهم، وقد وجد العلم أن العزلة ضارة جداً للجسد والنفس، والاجتماعية تقوي الصحة وتخفف الضغوط وتطيل العمر. اتبعوا هذه النصائح وسترون أثرها بإذن ربنا. حفظكم الله.