كان المطرب الشعبي نبيل العموش يغني في حفلة زفاف في مدينة عمران اليمنية عندما اقتحم القاعة مسلحان اتجها الى العموش واقتاداه الى ملعب رياضي تستخدمه حركة «انصار الله» سجناً منذ سيطرتها على المدينة في تموز (يوليو) الماضي. وتعد عمران المحافظة الثانية بعد صعدة التي تسيطر عليها الجماعة المسلحة وتمنع الغناء فيها. ويقول سكان وصحافيون زاروا المنطقة إن إذاعة صعدة المحلية تبث أناشيد دينية من دون موسيقى وأحياناً أغنية فيروز «يا قدس» فقط، مشيرين الى أن الحركة اغلقت محال بيع اشرطة الكاسيت والاقراص المدمجة وحطمت آلات بعض الموسيقيين. ويروي العموش لـ «الحياة» كيفية اعتقاله موضحاً أن الجماعة لم تفرج عنه الا بعد أن وقع تعهداً مكتوباً بعدم ممارسة الغناء في المناطق الواقعة تحت سيطرة «انصار الله». ويقول: «ابلغوني أن الغناء حرام، ولا اعلم اذا ما كانت هناك فتوى أو تعميم». ويمثل الغناء في حفلات الاعراس مصدر رزق معظم المطربين والمطربات في اليمن. ويذكر العموش أنه طلب من المجموعة التي اعتقلته أن توفر له عملاً بديلاً ليتمكن من الانفاق على اسرته، مشيراً الى أنه انتقل الى صنعاء ليتمكن من كسب عيشه. بيد أن هذه المدينة باتت بدورها مهددة بالوقوع تحت سيطرة حركة «أنصار الله» التي يؤكد الجيش اليمني إنها تعسكر منذ الثلثاء الماضي على مداخل العاصمة. ويرى رئيس البيت اليمني للموسيقى فؤاد الشرجبي أن تحريم الحركة للغناء «دعوة الى الظلام والجهل وعودة الى عصور التخلف»، ويقول: «هؤلاء يحللون القتل ويحرّمون الجمال». ودان مكتب وزارة الثقافة في محافظة عمران اختطاف العموش واحتجازه بسبب عمله كفنان وإجباره على كتابة تعهد بعدم ممارسة الغناء واحياء حفلات، موضحاً أن المنع يجسد تطرفاً فكرياً وسياسياً يفرض بقوة السلاح ويهدد المجتمع والحريات. ويؤكد مدير مكتب الثقافة في عمران يحيي الثلايا لـ «الحياة» وقوع مداهمات عدة لصالات أعراس وسريان الحظر على جميع المطربين في المحافظة بمن فيهم المنشدون الدينيون، باستثناء المنشدين التابعين للحركة، علماً أن عبدالعظيم عز الدين يعتبر المنشد الأبرز لجماعة «أنصار الله». وكانت الحكومة اليمنية اصدرت بياناً تطالب فيه الحوثيين حركة «أنصار الله» بتسليم محافظة عمران الى الدولة. ويذكر الثلايا أنه أبلغ وزارة الثقافة بحقيقة وضع الفنون في عمران، بيد أن الوزارة لم تصدر أي بلاغ رسمي حتى الآن. ويؤكد وكيل وزارة الثقافة للتراث اللامادي عبدالهادي العزعزي خروج عمران وصعدة عن سيطرة الحكومة، «لا استطيع الحديث عن منطقة تقع خارج سيادة الدولة». ويضيف: «هذه جماعة تعادي الموسيقى والحياة»، داعياً وزارة حقوق الانسان الى النظر في وضع الحقوق والحريات في المحافظتين. وكان تحريم بعض الجماعات الاسلامية المتشددة للموسيقى شهد انحساراً إبان الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في 2011 للمطالبة بإسقاط نظام الرئيس علي عبد الله صالح. وشهدت ساحات الاعتصام ظهور فرق محسوبة على حزب تجمع الاصلاح الاسلامي قدمت أعمالاً مصحوبة بآلات موسيقية. وتستند حركة «انصار الله» المسلحة على التراث الفكري لأئمة المذهب الزيدي الذي ينتمي اليه الائمة الزيديون الذين حكموا شمال اليمن لما يزيد على 100 سنة. وأدى تحريم الغناء في الشمال خلال القرون الماضية الى هروب عدد من المطربين والموسيقيين الى مدينة عدن الجنوبية. ويقول باحثون إن العود اليمني القديم المعروف باسم القنبوس ساهم في الحفاظ على الموسيقى اليمنية نظراً إلى صغر حجمه وإمكان طيه واخفائه.