×
محافظة المنطقة الشرقية

جولة وسط دائرة معارف

صورة الخبر

ساور الشك والد "هتون" حيال ابنته المراهقة التي لم تكن تحمل ذاك الحين هاتفاً نقالاً، ففضّل قطع الشك باليقين من خلال جهاز تسجيل على الهاتف الأرضي، فصدق شكّه!.. تعامل مع الموضوع بقسوة، فلجأ إلى ضربها وحرمانها من دراستها سنةً كاملة، لتبقى وصمة عار في تاريخ حياتها حتى بعد زواجها وإنجابها. علينا احتواء أبنائنا ولا نكسر قلوبهم بالضرب والإهانة والفضيحة.. والأفضل «الستر» ثم العقاب بصمت لم تكن تلك هي الحادثة الوحيدة بحياته، فبعد مضي زمن لم تتعظ شقيقة "هتون" الأصغر، حيث اكتشف شقيقها الأكبر بأنّها على علاقة بشاب، وأبرحها ضرباً، ولكن والدها هذه المرة تعقل وتفهم مرحلتها العمرية، ولم يحصل منه ما حصل في السابق، بل حاول احتواء الموضوع والدفاع عن ابنته المراهقة أمام شقيقها، خاصةً وأنّه استوعب حجم المأساة التي خلفتها عقوبته في شخصية ابنتها الكبرى، التي انعكست على حياتها الزوجية وضعفها التام واستسلامها لظلم زوجها خشية أن تعود مطلقة فتُكسر للمرة الثانية. قصص كثيرة ومستمرة لتورط المراهقين والمراهقات بقضايا الغزل والمعاكسات، فالمراهقة حالة صعبة من المداراة والمعاملة المتجددة بحسب مزاج المراهق وحالته النفسية، حيث إنّهم أشبه ما يكونون بقنبلة موقوتة قابلة للانفجار، تتطلب مهارة وطولة بال، وخلق نوافذ حوار متجددة لجذب انتباه المراهق وفهم ما يدور في محيطه لا سيما الفتيات، حيث إنّ هناك من العوائل من يحكم بالمؤبد على الفتاة المتورطة بأي قضية عاطفية، دون مراعاة العوامل المحيطة بها التي قادتها إلى الأمر المحظور!. إدارة الموقف ذكر "بدر الطريف" -مبتعث- أنّ ردة الفعل غالباً عند كثير من الأسر عندما تكتشف معاكسة ابنتهم تكون قاسية في البداية، وبعد مضي الوقت تهدأ الأمور ويتصرف وليها معها بعقلانية، كما أنّ الأمور لا تأخذ بالصوت العالي ولا بفرد العضلات، خاصة وأنّ الضحية هي أنثى!. وقال إن المطلوب في مثل هذه المواقف الحنكة والتفكير في طريقة إدارة الموقف حتى ننجح في حل المشكلة بأقل الخسائر، موضحاً أنّه يجب ألاّ ينسى الأب أو الأخ أو الزوج أو أي رجل أنّ الفتاة بطبيعتها عاطفية، وهي ضحية سهلة لعواطفها ومشاعرها، خاصةً في سن المراهقة أو في حال عدم احتوائها بشكل جيد، إلى جانب أنّ وسائل التقنية سهّلت آلية التعارف والتقارب بين الشاب والفتاة، وقد تكون الفتاة فطرتها سوية وتربيتها عالية، ولكن هناك جانب عاطفي فيها يجب ألا يغفل، رافضاً فكرة فضح الفتاة وعدم الستر عليها، مفضلاً أن يكون أحد والديها على علم ودراية؛ لمتابعة الفتاة والتأكّد من أنّها عدّلت عن سلوكها الخاطئ، وحتى تعود الثقة لها ولنفسها بمساعدة والديها، مبيّناً أنّ النسيان نعمة ويجب على الإنسان السوي أن يستغل هذه النعمة بنسيان كل ماض له أو لغيره سيئ، وحتى نضمن مستقبلا أفضل بتجاوز الخطأ الذي قد يتكرر بكثرة التكرار والتذكير!. مجتمع ذكوري ورأت "هيام اليوسف" أننا في مجتمع ذكوري لا يغفر للأنثى خطأها، فالمرأة تعاقب والرجل "ناقل عيبه"، مشددةً على أنّ هذا الحكم الاجتماعي خاطئ، مشيرة إلى أن الهجوم والفضيحة وعدم الستر على الفتاة سيفاقم من المشكلة ويجعلها تعيش دور الخاسر الذي لا يخشى شيئاً وحتماً تعود للخطأ بجريمة أكبر، إلى جانب أنها ستبقى وصمة عار في حياتها حتى الممات، رافضةً مبدأ الوصاية ومراقبة الآخرين بهدف المصلحة أو ثقافة "حنّا أدرى بمصلحتك"، لافتةً إلى أنّ المراهق عقله عقل إنسان وليس حيواناً، ويعلم أنّ هناك عقوبات ويدرك مدى الخطأ الذي قد يرتكبه، مستدركةً: "كل ما يحتاجه المراهق هو التوعية، والنصح، وتأسيسه بشكل سوي يجعله مدركاً لعواقب الأمور". مجتمع «الشاب ناقل عيبه» ترك العلاقة مع الفتاة تتحول من معاكسة إلى ابتزاز.. وهذا أخطر وأضافت أنّ المراهق بحاجة إلى الأهل وليس إلى العقوبة في حال الخطأ، فيجب أن نحتوي أبناءنا لا أن نكسرهم، وقبل أن يحتويهم غيرنا، موضحةً أنّ المراهقين والمخطئين بوجه عام ليسوا ضحايا سوء تربية -كما هو شائع-، بل هم ضحايا حاجات إنسانية بحاجة إلى تقنين، فالعاطفة لا يتقبلها المجتمع لدينا ويعتبرها سقطة في حق الفتاة والشاب، بينما هي مشاعر ليست خاطئة، وإنما تحتاج إلى رقابة واحتواء، مبيّنةً أنّه ليس من المنطق أن يترك الأهالي الفتاة أو الشاب كلياً دون حوار أو احتواء أو حتى متابعة، ليفاجئوه بالعقاب لمجرد أنّ أمره انفضح!. الستر ثم العقاب بصمت وأكّدت "أم سعد" أنّه في مثل هذه الحالات يتطلب علينا مبدأ الستر بالدرجة الأولى، إلاّ إذا كانت المتورطة طفلة فيجب إطلاع والدتها لتبحث عن الأسباب التي دعتها إلى مثل هذا السلوك، موضحةً أنّه في حال تورط الفتاة بأي علاقة مشبوهة يجب على من يعلم أن يعرف مدى وعي الفتاة وإدراكها لخطورة الأمر، وهل هي مستدرجة أو مغرر بها لمساعدتها أولاً قبل معاقبتها، كاشفةً أنّها تفاجأت عند زيارتها لبيت أهلها أنّ ابنة شقيقتها تنزل من سيارة شاب، فانتظرتها بهدوء عند الباب، وحال دخولها صفعتها على وجهها -كردة فعل طبيعية-، ولكن بعد أن هدأت جلست مع الفتاة جلسات مطولة، وحاولت أن تفهم إلى أي مدى وصلت العلاقة، لتساعدها قبل وقوع أي فضيحة -لا سمح الله-، موضحةً أنّها كانت تراقب الفتاة وتعاقبها بصمت دون أن يتدخل والداها، الذين قد يفاقمون المشكلة بتدخلهما. وأضافت أنّه يجب الأخذ في الحسبان أنّ العصر لم يعد كالسابق، والمفاهيم اختلفت، فالجيل أصبح يتعاطى مع الآخر من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، والحواجز تلاشت بينهما، ولكن الجيل هذا بحاجة إلى وعي وإدراك، مبيّنةً أنّ العقوبة أمر وارد والأهل يجب أن يتجاوزوا الأمر، فما فعله المراهقة ليس جريمة، بل تجربة خاطئة تستحق التقويم والانتباه لا العقاب؛ لأنّ المجتمع يسيء للبنت ويوصمها بالعار للأبد، لافتةً إلى أنّ الأهالي يخافون أكثر على الفتاة، خوفاً من أن ترتكب حماقة تلاحقها عمرها كله، فالمجتمع لا يغفر للمرأة عادة!. "ناقل عيبة"! وبيّنت "أم أحمد" أنّ ابنتها الكبرى تورطت في علاقة مع شاب من دولة خليجية، حيث بدأت تلحظ تصرفاتها المريبة، وبعض الأمور التي جعلتها تراقبها حتى اكتشفت الأمر، فوبختها وغيّرت رقم جوالها بعد أن صادرته منها شهراً كاملاً، ووضعتها تحت مراقبة دون أن يحس والدها، أو أي من أفراد الأسرة، رافضةً إخبار الوالد أو الأخ بمثل هذه المواقف، مبيّنةً أنّها مواقف متوقع أن تمر بها الفتاة والشاب في مرحلة المراهقة، مشيرة إلى أنّه في حال تدخل أي رجل في مثل هذه القضايا قد يربك الفتاة، ويشتت ثقتها بنفسها، وتشعر أنّها مكشوفة، فتصبح غير مبالية، مستدركةً: "رغم اتفاقنا جميعاً على أنّ العقوبة عند الله -عز وجل- متساوية للرجل والمرأة، إلاّ أنّ المجتمع لدينا ذكوري -شئنا أم أبينا-، والولد ناقل عيبة". ظاهرة خفية وأوضح "د.خالد الرديعان" -أستاذ علم الاجتماع- أنّه لا يخلو بيت في السنوات الأخيرة من وجود معاكس أو معاكسة؛ مما يشير إلى تفشي الظاهرة بصورة أكبر، وقد تكون التقنية الحديثة كالجوالات والإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي بعض العوامل التي شجعت وتشجع على ذلك، تحت دعوى التعارف مع الجنس الآخر الذي يراه الشباب من الجنسين سلوكاً طبيعياً في مرحلتهم العمرية، بل إنهم قد يتباهون بالمعاكسة أمام أقرانهم، ويعدونه نوعاً من "الفحولة" أو "الرجولة"، في حين تراه البنات نوعاً من رواج سوقها كفتاة وأنها جميلة ومطلوبة؛ مما يشجع الطرفين على التمادي في هذه الموضوع. وأضاف أنّ التعارف بين الجنسين في سن النضج قد يقود طرفين للارتباط زواجاً، وهذا أمر مفهوم ومعروف وتمارسه معظم المجتمعات، ولكن المعاكسات تدخل ضمن التحرش الجنسي؛ مما يعني ممارسة نوع من العنف تخف وتزداد وطأته ويأخذ عدة أشكال، أهمها: محاولة الإيقاع بالضحية أو التسبب لها بأذى نفسي واجتماعي، موضحاً أنّ مشكلة المعاكسات لا تقف عند المعاكسة بذاتها، بل إنّ الأمر قد يتطور إلى مشكلة ابتزاز في حال حصل الشاب على صور الفتاة، وهو ما يمكن الحصول عليه من خلال ثقة الفتاة بالشاب، بحيث تزوده بصورها والتي يمكنه ابتزازها بها في مرحلة ما. توعية ومتابعة وقال "د.الرديعان" أنّه من الأهمية التركيز على دور الأسرة والتوعية من قبل الوالدين ومتابعة الأبناء، وفي حال استخدام الأبناء للتقنية فيلزم معاقبة المعاكس بأخذ الأجهزة منه مؤقتاً، أو حرمانه من الإفادة من شبكة الإنترنت، موضحاً أنّ القدوة الحسنة مطلوبة، بل وأساسية في هذا الجانب، لافتاً إلى أنّه قد يعود تفشي ظاهرة المعاكسات إلى عدة أسباب، منها: سوء التنشئة الاجتماعية عند المراهقين، وإهمال الأسر لأبنائها وبناتها، ونظرة الشباب المقولبة للفتاة، وأنّها فريسة سهلة يمكن الإيقاع بها، إلى جانب التقنية التي ساعدت كثيراً في تفشي الظاهرة؛ بسبب سهولة الحصول على أرقام التلفونات، وربما أماكن سكن الأسر، ومن ثم الوقوع في مشكلة المعاكسات. وأضاف أنه يجب أن تنطلق نظرة الآباء والأمهات للابن المعاكس من مبدأ التفهم والمسامحة لكلا الجنسين، موضحاً أنّ يحصل الآن أنّ الأسرة تتسامح مع الابن المعاكس من ثقافة المجتمع الذكورية، وقد لا تتم معاقبته، وربما اعتبار ما فعله سلوكاً طبيعياً لا يستوجب العقاب؛ لأنّه ذكر ولا يجلب العار لأسرته!، في حين أن الأسرة تعاقب الابنة المعاكسة؛ لأنّ شرف الأسرة وعرضها عموماً يرتبط بسلوك الأنثى!. وأشار إلى أنّ المرأة في العقلية العربية هي وعاء الشرف أو العرض، ويلزم أن تصون هذا العرض الذي يرتبط بعموم الأسرة والقبيلة، ووقوع المرأة في سلوك مشين -ذي طابع جنسي تحديداً- يجلب لها العار، وقبل ذلك لأسرتها -حسب الفهم السائد-، منوهاً بأنّ هذه النظرة تتعارض تماماً مع المنظور الإسلامي الذي يحمل الطرفين مسؤولية متساوية، ولكن الأعراف والتقاليد التي لا تزال تحط من قيمة المرأة وتعلي من شأن الرجل هي التي أوجدت هذه النظرة الدونية للأنثى، والتي تكرست بمرور الزمن، مبيّناً أنّ عقوبة البنت المعاكسة من قبل أسرتها وربما المجتمع قد تكون أشد مما هي عليه مقارنة بالولد؛ بسبب هيمنة الثقافة الذكورية وقضية الشرف، مع التأكيد أن المسؤولية في الشريعة الإسلامية لا تفرق بين الجنسين. منيرة وسعد.. صوت وصورة ولقاء ثم «فضيحة»! سعد: ألو منيرة: مرحبا سعد: وش اسمك منيرة: أنا أم ركبة سوداء وأنت هههههه سعد: خخخخ وأنا أبو سروال وفنيلة.. أقول وش بنكك.. شكلك ظريفة منيرة: D12345 هذا البن حقي ضيفني عندك بعد أسبوع .. سعد: يالخفوق ودي أشوف صورتك منيرة: أوعدني تمسحها حبيبي سعد: وعد أمسحها وجعلها في أمي وأبوي لو ما مسحتها منيرة: تيب حبيبي استقبلها بعد يومين .. !!BING !!BING !!BING منيرة: سم حبيبي سعد: تكفين أبي أشوفك منيرة: تيب بس من بعيد سعد: أبشري بس أهم شي أشوفك *** توالت اللقاءات ولا زالت منيرة ضحية البحث عن فارس أحلامها الذي انتهك شرفها، ولم تستطع أن تحمي نفسها خاصة وأنها لم تنجح في مصارحة أي فرد من أفراد أسرتها خوفا من العقوبة، فالمراهق والمراهقة ليسوا بحاجة إلى أدوات عقوبة يمارسها أولياء الأمور وليسوا بحاجة إلى مزيد من التوبيخ فيكفيهم تأنيب الضمير، بل هم بحاجة إلى احتواء وعاطفة ويد عون لهم لا فرعون عليهم، فلو وجدت منيرة حضناً يحتويها ويتقبلها كما هي بأخطائها ويحاول معها لتنهض لما انتهك شرفها خوفا من "صورة"، لما تفاقم الموضوع حتى آل بها في قبر الخطائين بلا مغفرة!، ذاك القبر الأشبه بالحفرة الوعرة التي لا يصلها نور ولا حياة إلى يوم يبعثون، فتبقى حبيسة أدراجها لحين وفاتها نتيجة خطأ ارتكبته في مرحلة حرجة من عمرها، كل ما كانت تحتاج فيه إلى تفهم لمرحلتها التي تحمل من اسمها أوفر الحظ والنصيب، فالمراهقة مشتقة من الإرهاق والتعب نتيجة المرحلة الانتقالية التي يعيشونها وتغير في الهرمونات والفسيولوجيا الجسمانية، التي تجعلهم في مرحلة تذبذب مستمر وبحاجة إلى احتواء. تحرّشا ثم تورطا..! تتلقى الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (12) بلاغاً يومياً عن حالات ابتزاز، كما تلقت أكثر من (729) بلاغاً خلال شهرين فقط، وقد عالجت وحدة مباشرة بلاغات الابتزاز أكثر من (120) قضية حدثت في الرياض، ووفرت (10) خطوط ساخنة لاستقبال البلاغات، كما بلغ عدد المواقع والصفحات التي تم الرفع من وحدة الجرائم المعلوماتية لحجبها حوالي (24508) مواقع، تحوي مخالفات شرعية وأخلاقية وعقدية. وتوقع باحثون واختصاصيون في علم النفس ارتفاع نسبة المعاكسات في المملكة إلى (215%)، حيث إنّ الإحصاءات الرسمية المتعلقة بظاهرة التحرّش بالنساء والمعاكسات تسجل ارتفاعاً ملحوظاً، مشددين على أهمية عدم إلصاق تهمة المعاكسات بالشاب؛ مما يولّد ضغطاً نفسياً يلقي بثقله على الشاب بشكل سلبي، خاصةً عندما يتم منعهم من دخول المجمعات والمراكز التجارية بحجة منع معاكسات النساء أو التحرش بهن. «الهيئة» تباشر (12) حالة ابتزاز يومياً وتوقع ارتفاع المعاكسات إلى (215%)! واعتقدوا أنّ المعاكسات التي تكون ساحتها في أغلب الأوقات المجمعات التجارية تمثل انتكاسات دينية وتربوية بالمقام الأول، ومعالجتها تكون من عدة جوانب، أهمها الشاب نفسه ومن ثم الأسرة ويليهما المجتمع، فمتى ما كانت الأسرة والمجتمع قريبين من الشاب سيشعر بالأمان والاستقرار العاطفي، وهو ما يفتقده كثير من الشباب ويبحثون عنه داخل أروقة المجمعات التجارية، كما أن الدور الأكبر في كل ذلك يقع على عاتق العائلة ومن بعد العائلة المحيط الاجتماعي الذي يجب أن يحتويه بشكل سليم وغير منفّر.