كان الكرم لدى العربي إحدى سمات الفروسية وأبرز ملامحها وقد توارث هذه الصفة الحسنة معظم فرسان العرب وزعمائها.. وبقيت متأصلة في جذورهم.. أزمنة طويلة حتى جاء عصرنا هذا.. وقبل أن نأتي إلى مثالب هذا الزمن.. الذي أصبح فيه الكرم ضربا من الخبل والجنون.. سأعود بكم إلى الوراء.. عروة بن الورد كان فارسا شهما وشجاعا وذا بأس وكان يلجأ إليه الضعفاء والمساكين من أبناء القبائل العربية فيكرم وفادتهم.. ويغدق عليهم بأمواله التي سلبها في غزواته.. ثم يعلمهم الفروسية حتى يشتد عودهم وتقوى أبدانهم وعزائمهم فيأخذهم معه في غزوة أو غزوتين بعد أن يمنح كلا منهم فرسا وسيفا ورمحا ودرعا للحرب.. ثم يتركه لتحصيل رزقه بأسلوب تلك الأيام ولكنه يغرس فيهم التكاتف والتعاضد والتعاطف والكرم.. ومن يتخلى عن هذه الصفات.. يطرد من جماعة الصعاليك ويصبح دمه وماله حلالا زلالا للآخرين.. الغريب في هذه الأيام.. أن الشطار قد تكاثروا ولكنهم تخلوا عن الصفة الثانية: الكرم.. ولم ينبذوا ولم يطردوا ولم يحتج عليهم أحد وكأن البخل أصبح صفة من صفات المجد والطريق إلى السؤدد والرفعة.. وتخلى أحفاد عروة الصعاليك عن المساكين وتفاقم الحقد وازداد الناس كرها للأغنياء الذين لا يهبون الفتات للفقراء.. ترى هل حضارة العصر وظروفه التي أملت شروطها لكي تتغير ملامح وجوه آبائنا الأوائل الحسنة لتصبح في هذه الأيام من الصفات السيئة وتصبح مكارم الرجال من سيئات هذا الزمن.. ولا أزيد. للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 738303 زين تبدأ بالرمز 254 مسافة ثم الرسالة