علمت «الحياة» أن جناحاً متشدداً داخل جماعة «الإخوان المسلمين» صعّد من لهجته تجاه الحكم الجديد ودعواته إلى التظاهر ضد الجيش من أجل وأد تحرك تقوده شخصيات معتدلة داخل الجماعة أساسه الانخراط في «خريطة الطريق» التي أقرها الجيش بالاتفاق مع قوى سياسية بعد الاعتذار عن أخطاء الرئيس المعزول محمد مرسي تمهيداً لمصالحة شاملة. وكثّف «تحالف دعم الشرعية» المؤيد للرئيس المعزول محمد مرسي من دعوته إلى التظاهر. فخرج مئات من أنصار مرسي في تظاهرات محدودة أمس تحت شعار «الكرامة والحرية للمرأة المصرية»، في ظل ترقب لمدى استجابة دعوة «التحالف» إلى الزحف على ميدان «رابعة العدوية» يوم الجمعة المقبل في ذكرى مرور شهر على فض اعتصام لـ «الإخوان» وحلفائهم في الميدان، ما أسقط مئات القتلى والجرحى وأطلق موجة من العنف والمواجهات بين الأمن وأنصار الرئيس المعزول. وكان عضو اللجنة الإعلامية في حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان»، حمزة زوبع أقر بأخطاء خلال فترة حكم مرسي وأطلق مبادرة تقوم على قبول «خريطة الطريق» تمهيداً للمصالحة. لكن هذه المبادرة أعقبتها رسالتان للقيادي في الحزب عصام العريان والمتحدث باسم الجماعة جهاد الحداد أكدا فيهما تمسك «الإخوان» و «التحالف» بعودة مرسي إلى الحكم وتفعيل الدستور المعطل وعودة مجلس الشورى المنحل. كما دعا «التحالف» إلى تظاهرة شبابية يُفترض أن تكون حصلت مساء أمس في ميدان طلعت حرب قرب ميدان التحرير. وفسّر بعض المصادر هذه المواقف والدعوات الجديدة إلى التظاهر بأنها تعكس رغبة مناصرين لمرسي في التصعيد وإجهاض أي تحرك نحو المضي في مبادرة زوبع. وعززت الدعوة إلى الزحف على ميدان «رابعة العدوية» بعد غد من الرغبة في التصعيد، إذ دأبت قوات الشرطة والجيش على إغلاق الميدان في أيام الجمعة لمنع أي متظاهرين من الوصول إليه، وفي حال أصر المتظاهرون على دخوله فقد يؤدي ذلك الى وقوع مواجهات بين الجانبين. كما دشّنت جماعة «الإخوان» حملات تهدف على ما يظهر إلى تقويض الجدول الزمني لخريطة الطريق، فاستبقت خروج التعديلات الدستورية بنشاط مكثف لحض المصريين على رفضها في الاستفتاء المقرر له تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وكثّفت من انتقاد تشكيلة اللجنة الموكل لها تعديل الدستور، ونعتت بعضهم بـ «الكفر ومعاداة المشروع الإسلامي»، بالتزامن مع حملات لـ «طرق الأبواب» بدأ بها شباب «الإخوان» في المناطق الفقيرة والمهمشة وتوزيع ملصقات على المنازل تحض المصريين على التصويت بـ «لا» على «دستور معاد للإسلام». ولن تكون معركة تمرير التعديلات على الدستور، كما يبدو، «سهلة المنال»، في ظل تباينات عميقة في الآراء داخل «لجنة الخمسين» الموكل لها الصياغة النهائية للتعديلات، وهو ما ظهر بتلويح مستمر من قبل اعضائها في مقدمهم ممثل حزب «النور» السلفي بالانسحاب حال عدم تلبية الدستور الجديد لرغباتهم. ومن أبرز المعضلات التي ستواجه النقاشات داخل اللجنة مواد تفسير «مبادئ الشريعة الإسلامية» التي يتمسك بها حزب «النور» ويرفضها غالبية أعضاء اللجنة، إضافة إلى مواد تنظيم الاستحقاق التشريعي، في ظل انقسام حول اعتماد النظام الفردي في الانتخابات أم القوائم. وكانت لجنة تعديل الدستور انتهت أمس من تشكيل لجانها الخمس، تمهيداً للبدء في النظر في التعديلات الدستورية، فيما كثفت السلطات المصرية من حملات لتقليم أظافر جماعة «الإخوان»، فلم تكتف باعتقال القيادات العليا والوسطى، لكنها أيضاً وضعت ضوابط للخطابة داخل المساجد، فمنعت صلاة الجمعة في الزوايا (مساجد صغيرة)، وسحبت تراخيص عشرات الآلاف من الائمة، غير الأزهريين، الامر الذي بدا أنه يهدف إلى تقويض استخدام «الإخوان» للمساجد في الحشد المناوئ للحكم.