نُّهى السُلمي مثلما قال الأديب نجيب محفوظ «لو ظل التخلف في مجتمعاتنا لجاء الزوار ليتفرَّجوا علينا بدل الآثار»، إلى متى والعرب تبقى متخلفة في التقدم مقابل الأمم على الرغم من أنهم يحملون في داخلهم ديناً عظيما ويتربعون في رقعة جغرافية واسعة وثروات هائلة! لن يكون تفسير ذلك التخلف صعباً إذا رأينا كيف تخلَّى المسلمون عن مبادئهم بدافع التطور وضعف لديهم اعتزازهم بقيمهم التي أكسبتهم العزة والرفعة. وعلينا أن نلاحظ أن أوروبا لم تصل إلى طريق الديمقراطية إلا بعد أن نزعت ثوب الديكتاتورية، فشقت لنفسها طريقاً للقمة، بينما نحن العرب لنا زمن طويل نتنازع في خلالفات عنصرية مقيتة، ولاتزال أفكارنا محدودة، وانعدام ثقافة تقبُّل الآخر. لقد كان لدينا من مفاهيم الشورى وقيم الحوار والجدال، حيث يقول الله سبحانه وتعالى (جَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) وهذا منهج يجعلنا في القمة إذا أردنا أن نبلغها. والمتابع للساحة الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعية يرى العرب يصورون عقولهم للعالم في أبشع صورة من خلال النزاعات والجدل العقيم الخالي من ثمار الفائدة المشتركة بين المسلمين. ها هم يخرجون المسلمين من مللهم وينتهكون الأعراض ويصدرون الشائعات والأقاويل الكاذبة. إنها ثقافة الإقصاء فمتى تندثر؟ دائما علينا أن نتذكَّر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟». أيها العرب المسلمون لكم تاريخ أسود في تشويه الإسلام بخلافاتكم وتناحركم وتطاول ألسنتكم! وإن الله مسائلكم عن كلمة رميتمونها لا تلقون لها بالاً فتزيد النار ناراً وتهوي بكم أبعد ما بين المشرقين، ثم لننظر إلى النتائج التي حققناها، هزيمة وعنصرية ورجعية وتخلف، بعدما كان المسلمون في سمو وعلو ونصر وتقدم! لا يجب عليك أيها العربي أن تتكلم فيما تجهله، وتبدي رأيك بكل ما يجري حولنا فمن كان له في كل حادثة حديث لابد أن يزل ويخطئ، فإن استطعت ألا تلقى الله بمظلمة وأن تلقاه خفيف الحمل غداً بين يديه فافعل رحمك الله. واعلم أن الأمر ليس مبالغاً فيه بل هي حقوق كالشمس في رابعة النهار، دائماً أتساءل كل الذي مات فينا من عِزة ونصر وألفة ونخوة متى نحييه! أم سنظل كالأرض إذا سلخت لم ينفعِ المطر!