أكد الدكتور هانس فان ديبرك المستشار الزراعي في السفارة الهولندية بالرياض أن بناء القدرات البشرية الزراعية هو العمود الفقري للمنظومة الزراعية في المملكة. وأوضح الدكتور ديبرك إلى أن احتفاظ المملكة بالحد الأدنى من الإنتاج المحلي وتطوير الخزن الاستراتيجي من شأنه الحد من ارتفاع الأسعار. وتطرق المستشار الزراعي في حديث ل"الرياض" إلى أن هولندا سوف تشارك هذا العام في المعرض الزراعي السعودي السنوي من خلال 14 شركة ستقدم من خلال تلك المشاركة حلول لقطاع المياه والدواجن ورفع انتاجيتها، ولفت الدكتور ديربك إلى أن حجم التبادل التجاري الزراعي بين المملكة وبلاده بلغ العام المنصرم 600 مليون يورو في المنتجات الزراعية فقط دون التقنية منها، فإلى نص الحوار: حلول استهلاك المياه *يعقد في الرياض المعرض الزراعي السعودي بمشاركة هولندية كبيرة، هل لكم أن تحدثونا عن ذلك؟ - المعرض الزراعي السعودي هو معرض سنوي وهذه السنة أكثر من أي مرة سابقة لدينا مشاركة كبيرة من خلال 14 شركة، وهناك العديد منهم يشتركون أول مرة، وفي كل سنة يكون هناك شركات جديدة تشارك، وهذا أراه أمراً ذو دلالة. الشركات المشاركة سوف تقدم حلولا والدعم في كل مجالات الزراعة، وعلى رأسها تقديم حلول استهلاك المياه وتقديم حلول لقطاع الدواجن ورفع إنتاجيتها، خلال السنوات الماضية استطعنا كمكتب زراعي بناء شبكة وثيقة من العلاقات مع الكثير من الشركات و المعنيين في الجهات الحكومية ومراكز الأبحاث والجامعات. وخلال فعاليات المعرض الزراعي التي تنظمها السفارة لهذه الشبكة الواسعة لتوثيق العلاقات بين الشركات ورجال الأعمال والمهتمين، والهدف الرئيسي من هذه الأنشطة دعم وتسهيل العمل في القطاع الزراعي في المملكة، ودائماً نبحث عن طرق جديدة لتسهيل العمل في هذا القطاع وأحد هذه الوسائل تكمن في الاستفادة من شبكة الانترنت إذ سنقوم وخلال الحفل الذي تنظمه السفارة بتدشين موقع جديد لهذا الغرض على الشبكة العنكبوتية التبادل التجاري الاستثمار الزراعي في أفريقيا يجب ألا يمس الأمن الغذائي لها *عن طبيعة العلاقة في القطاع الزراعي بين المملكة وهولندا، هل العلاقة ذات بعد تقني أم تجاري يتعلق بتوفير المنتجات الزراعية؟ - العلاقة تشمل الجانبين، لكن الأساس في البداية كانت تجارية، ولو لاحظنا خلال عام 2012 سنجد ان حجم التبادل التجاري بين البلدين في الجانب الزراعي بلغ 600 مليون يورو وهذا رقم مرتفع، ولا يتضمن المعدات الزراعية مثل المسالخ الخاصة بالدواجن على سبيل المثال. أما تقنياً فنحن نسعى للمشاركة حول المفاهيم وفي المشاريع ونقل التقنية من هولندا إلى المملكة، وفي سبعينات القرن الماضي كان هناك مشروع تعاون لاستزراع "البطاطس" في المملكة، إذ لم تكن تزرع والآن حدث اكتفاء ذاتي من هذا المنتج، وحالياً وخلال هذه الشهور نعمل على تفعيل هذا التعاون مرة أخرى في مجالات الصحة النباتية والكشف عن النباتات بالتعاون مع الجهات في المملكة. ومن ضمن الأمثلة الحديثة على التعاون التقني هو إنشاء وتأسيس مركز المعلومات الزراعية بالتعاون مع صندوق التنمية الزراعية بالإضافة إلى مركز أبحاث تنمية الزراعة المستدامة بالتعاون مع جامعة الملك سعود وسابك ووزارة الزراعة وفي هذين المركزين يتم توطين التقنيات الهولندية في مجال توفير المياه وانتاج الغذاء وزراعة الخضروات. * هل يمكن أن تحدثونا عن إستراتيجية التي تتبعونها في مكتب التعاون الزراعي بين المملكة وهولندا؟ - فور وصولي للمملكة أعدت إستراتيجية تتركز على ثلاثة محاور: رفع كفاءة المياه في الزراعة، وسلامة الغذاء، ورفع الكفاءة في سلاسل الإمداد وتعني تقليل التالف في النباتات وخاصة الخضروات إذ أن تقليل التالف منها يعني توفير المياه. هذه المحاور تتقاطع مع ثلاث قطاعات في المملكة وتتفق مع سياسة الحكومة وهي قطاع إنتاج الخضار والدواجن والاستزراع السمكي والأخير قطاع مهم يساهم في الأمن الغذائي، وكل هذه المنظومة من وجهة نظر هولندا تحتاج لعمود فقري يتمثل في بناء القدرات الذي يشمل كل التعليم في المجال الزراعي ليس في المدارس والجامعات فقط، بل برامج التدريب وبناء القدرات في المؤسسات الحكومية حتى يكون كل هذه البرامج مبنية على قدرات سعودية موجودة في المملكة، ويمكن أن نطلق على هذه العملية " التعليم الأخضر". شح المياه الزراعة 600 مليون يورو حجم التبادل التجاري الزراعي بين المملكة وهولندا *وما رأيكم في ما يخص الحديث عن شح المياه وضرورة الزراعة في المملكة التي من شأنها هدر كمية مياه ضرورية للشرب، وإبدال مشاريع الزراعة بأخرى في الخارج، حيث وفرة المياه وجودة التربة؟ - نتفق مع وجهة نظر المملكة في شح المياه وإعادة النظر في الأنشطة الزراعية، ونحترم ذلك، والحكومة في المملكة بدأت في اتخاذ إجراءات بهذا الخصوص، بتقليل المساحات المزروعة وبعض الزراعات التي تستهلك المياه، وهذه من الطرق التي تتبع في مثل هذه الظروف، لكن هناك طرق إضافية منها اللجوء إلى طرق الري الحديثة وزراعة النباتات لا تستهلك الكثير من المياه في إطار ما يسمى أسلوب الزراعة الذكية، الذي نسعى لتقديمه هنا ويكمن في إيجاد حلول تؤدي إلى مساهمة في الحفاظ على إنتاج زراعي جيد، ولكن وبالرغم من ذلك سنظل نعتمد على استيراد الغذاء، من أمثلة الزراعة الذكية مراقبة احتياج النبات للمياه وهناك شركات في المملكة بدأت باستخدام ذلك بالتعاون مع شركات هولندية وأمكنهم تخفيض نسبة المياه المستخدمة من 30 – 40 %. *من وجهة نظرك كخبير زراعي، كيف ترى تجربة المملكة في الاستثمار الزراعي في أفريقيا التي تتوفر فيها جميع المقومات الزراعية بوفرة؟ -هذا موضوع حساس، فمن حيث المبدأ هو أمر جيد، ولكن البعد الاجتماعي في هذه الدول الإفريقية جدير بالاعتبار، والسؤال هنا هل تم تغطيته في هذه الاستثمارات أم لا؟ إذ أن بعض التقارير الصحفية تظهر الجانب الاجتماعي في الدول التي تجري فيها هذه الاستثمارات بأنه على المحك، في هولندا نحن على استعداد للمساعدة في هذه المشروعات من منطلق الخبرات الهولندية الموجودة فعلا في هذه البلدان حيث أننا نعمل بالفعل على تنفيذ مشروعات لدعم التنمية الريفية والاجتماعية في هذه المجتمعات. *ماذا تقصد بالبعد الاجتماعي؟ - نقصد به خلق مزيد من الوظائف في المجتمع الذي سنستثمر فيه، إضافة إلى ضمان الأمن الغذائي في الدولة التي نستثمر فيها، وهذا يعني عدم التأثير على أمن الدولة الإفريقية الغذائي في حال قمنا بهذه الاستثمارات. *فيما يخص الأمن الغذائي كيف يمكن تفادي مسألة شح الغذاء وغلاء الأسعار في بعض الأحيان خصوصاً في المنتجات المهمة للأسر في المملكة مثل الرز؟ -الأمن الغذائي قضية مهمة بالنسبة للمملكة ودول الخليج، وارتفاع الأسعار قضية عالمية، ولكن نري في ضوء الخطوات التي تعلنها الحكومة السعودية سواء من حيث الاحتفاظ بالحد الأدنى من الإنتاج المحلي إضافة إلى تطوير الخزن الاستراتيجي أن من شأنها أن تسهم في الحد من ارتفاع الأسعار.