نادرا ما تجد كاتبا اجتماعيا يتحدث عن مشاكله الشخصية.. اللهم إلا ما كان من زاوية عامة، ولذلك حينما يسعد الكاتب بالتجاوب الذي يرد إليه، فذلك لأنه يدرك أن الرسالة التي يحملها وصلت، وأن صوته لم يذهب "ع الفاضي"، وأن هناك في البلد ـ وهذه نقطة بالغة الأهمية بالنسبة لي ـ من يحترم الإعلام ويقدر رسالته! خذها ببساطة: سعادتنا بالتجاوب الذي يرد إلينا ليس لأننا حققنا غرضا شخصيا، نحن نسعد لأن التجاوب كان للناس، ومع الناس، ولأجل الناس. خذها ببساطة مرة ثانية: عدم تجاوب من يمتلك حق الرد مع الصحافة، لا يقلل من قيمة الصحفي أو الكاتب، بل يقلل من قيمة المواطن! أيضا خذها ببساطة: عدم تجاوبك مع أسئلة الناس واستفساراتهم ليس له تفسيران. هو تفسير واحد فقط. يدل على استهتارك بهؤلاء الناس. هو تصرف قبيح يماثل إلى حد كبير وضعك حينما تسير بسيارتك، وتصادف أحد أبناء مدينتك متعثرا على جانب الطريق، ويؤشر لك بيده طلبا للمساعدة، ولا تتوقف، هل يحتمل هذا الموقف أكثر من تفسير؟! قبل يومين قلت هنا: إن صدقت الروايات فأعتقد أن وزير الخدمة المدنية لم يوفق في قوله لخريجي الدبلومات الصحية غير المطابقين: "من أنتم حتى ندرس وضعكم"، وخاطبت الوزير بقولي: إن هؤلاء أبناء هذا البلد، ومن حقهم دراسة وضعهم، وإيجاد الحلول لقضيتهم بدل تركها معلقة! الوزير تجاوب مباشرة. قلت له: أنا سعيد لأنك تجاوبت بهذه السرعة، أنت لم تتجاوب معي، فأنا لم أطرح قضية شخصية. أنت تجاوبت مع أبنائك خريجي الدبلومات. قال: هم أبنائي، وقضيتهم محل اهتمامي، وستقرؤون الرد على هذه القضية خلال أيام. خذها ببساطة للمرة الثالثة: التجاوب مع الناس، والإنصات إليهم والرد على أسئلتهم، أفضل بكثير من تجاهلهم.