تونس: المنجي السعيداني قرر مصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي (البرلمان) التونسي، يوم أمس، عقد ندوة رؤساء الكتل البرلمانية اجتماعا لها يوم غد (الخميس) على أن يستعيد المجلس أنشطته بداية الأسبوع المقبل. وأشار إلى أن مكتب المجلس التأسيسي سيحدد يوم الجمعة المقبل روزنامة الأشغال كما تبدأ اللجان التشريعية والخاصة أشغالها من جديد بداية من اليوم. ودعا بن جعفر البرلمانيين المنسحبين (قرابة 54 نائبا من المعارضة) إلى العودة إلى «بيتهم الذي انتخبهم الشعب من أجله ومواصلة أشغالهم ضمن الإطار القانوني والطبيعي»، على حد تعبيره. في غضون ذلك، لا تزال كل من الحكومة والمعارضة التونسية تمسك من الوسط بحبل الحل السياسي من دون أن تتوصل إلى وصفة توافقية لإدارة الشأن السياسي خلال ما تبقى من فترة الانتقال الديمقراطي. وأعقب اللقاء الثاني بين راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة والباجي قائد السبسي رئيس حركة نداء تونس الذي عقد في ساعة متأخرة من ليلة الثلاثاء، خيبة أمل على مستوى النتائج المعلنة بعده، إذ أعاد كل طرف موقفه الثابت من الأزمة السياسية دون أن تطبع كلماتهما لهجة حسم الموقف السياسي المتأزم منذ أشهر. ووصفت بعض التحاليل السياسية اللقاء بين الرجلين بإعادة نفس علاقة التنافس السياسي التي ربطت الإسلاميين بحزب التجمع زمن زين العابدين بن علي الرئيس التونسي الأسبق. وحول هذا اللقاء، قالت عائدة القليبي المكلفة الإعلام في حركة نداء تونس، إن السبسي أعاد توضيح مبادرة المنظمات الراعية للحوار الوطني وأشارت إلى أن اللقاء جاء على خلفية انسداد المشاورات وخلو المشهد السياسي من بوادر انفراج حقيقي. وقالت القليبي، إن السبسي تحدث باسم جبهة الإنقاذ الوطني التي تضم مجموعة كبيرة من الأحزاب السياسية المعارضة في إشارة إلى تجاوز الخلاف الحاصل نهاية الأسبوع الماضي حول لقاء أحمد نجيب الشابي القيادي في الحزب الجمهوري بحامد القروي زعيم المبادرة الدستورية وهي تركيبة سياسية منافسة لحركة نداء تونس التي تضم قيادات دستورية أيضا (دستورية نسبة إلى الحزب الاشتراكي الدستوري الذي كان يتزعمه الحبيب بورقيبة الرئيس التونسي الأسبق). وبشأن الحل السياسي، قال عادل الشاوش القيادي في حركة نداء تونس لـ«الشرق الأوسط»، إن فشل جلسات الحوار الوطني سيحيل على كارثة حقيقية، وأشار إلى تفادي كل الأطراف السياسية إلى حد الآن هذا السيناريو المخيف. وصرح موضحا: «لا أعتقد أن أي طرف قادر بالفعل على المجازفة بسيناريو إفشال الحوار الوطني». وقال الشاوش، إن الحكومة الحالية لم يعد لها مكان لدى التونسيين وهذا بشهادة قيادات حركة النهضة ذاتها، وقال إن نازل المعارضة عن حل المجلس التأسيسي قد يكون مؤشرا إيجابيا على إمكانية التوصل إلى حل سياسي سلمي. وأضاف أن تحديد موعد لإجراء الانتخابات وإقرار هدنة اجتماعية والالتفات إلى الملفات الاقتصادية والاجتماعية قدم حلولا مجدية لتجاوز حالة عدم الثقة المهيمنة على سلوك مختلف الأطراف السياسية. وفي محاولة لأبطال قرار بن جعفر بتعليق أنشطة المجلس التأسيسي، بادر أمس برلمانيو حزب «حركة وفاء للثورة» التي يقودها عبد الرءوف العيادي، بتوزيع عريضة سحب الثقة من بن جعفر، وذلك على خلفية تعليقه لأشغال المجلس الوطني التأسيسي من جانب واحد يوم 6 أغسطس (آب) الماضي من دون عرض الأمر على الجلسة العامة للتداول، حسبما جاء في العريضة التي أوردت أيضا أن قرار التعليق مخالفة صريحة لأحكام الفصل 24 من النظام الداخلي للمجلس. بالتوازي مع هذه المبادرة، ترأس بن جعفر أمس لأول مرة منذ نحو شهر جلسة لمكتب المجلس التأسيسي، وعبر في تصريح للإعلاميين عن الأمل في أن تأتي الأيام المقبلة بأخبار طيبة تتوج الاتصالات والحوارات السياسية التي تكفل بجزء منها ووعد بتدارك التأخير الذي أعقب تعليق أنشطة البرلمان لمدة تجاوزت الشهر. وتضغط الكتلة البرلمانية لحركة النهضة في اتجاه استئناف أنشطة البرلمان وتطرح فرضيات كثيرة بشأن تعليق بن جعفر أنشطة البرلمان، من بينها اعتبار رئيس المجلس متخليا، والدعوة إلى عقد جلسة عامة دون حضوره، أو سحب الثقة منه، أو كذلك اعتبار تغيبه تغيبا وظيفيا من أجل ظرف معين، وتعويضه بمحرزية العبيدي النائب الأول لرئيس المجلس، ومن ثم الانطلاق في عقد الجلسات العامة من جديد.