القاهرة: صفاء عزب ثمن مؤسس التيار الشعبي ومرشح الرئاسة المصري السابق حمدين صباحي موقف المملكة العربية السعودية من ثورة 30 يونيو (حزيران) المصرية وقال إنه أعاد للعروبة كيانها المفقود، وأرسل تحية خاصة عبر «الشرق الأوسط» إلى المملكة حكومة وشعبا على وقوفهم بجوار الشعب المصري. وقال صباحي في حوار خاص لـ«الشرق الأوسط»، إن «الإخوان المسلمين» فشلوا كمعارضين وفشلوا مرة أخرى كسياسيين في الحكم، واتهم قياداتهم بارتكاب جرائم كبيرة في حق المصريين، كما اتهم حكومة الببلاوي بالتقصير وطالبها بضرورة الإسراع في تحقيق العدالة الاجتماعية، محذرا إياها من الإخلال بمبادئ الثورة المصرية. وعن تكراره لتجربة الترشح للرئاسة قال صباحي لـ«الشرق الأوسط»، إن الأمر ما زال سابقا لأوانه!! جدير بالذكر، أن حمدين صباحي أعلن عن تأسيس التيار الشعبي في شهر سبتمبر (أيلول) من العام الماضي، ومن ثم فقد مر عام على تأسيسه، وعلى مدار هذا العام شهدت الساحة السياسية بمصر أحداثا كثيرة معقدة ومتشابكة ومتلاحقة، فقد سقط نظام الدكتور محمد مرسي وسقط معه حكم «الإخوان»، ودخلت مصر في مرحلة انتقالية جديدة بكل ما فيها من تحديات وآمال، كما مر التيار الشعبي بمرحلة بدا خلالها أقل قوة عما كان عليه. وفيما يلي نص الحوار: * تحدثت عن مشكلات داخل التيار الشعبي، إلى أي شيء تعيد ما قلت إنها هشاشة تنظيمية؟ - لقد كانت قيادات التيار مهمومة ومشغولة بالأحداث السياسية الساخنة والسريعة على الساحة المصرية فجاء ذلك على حساب إعادة تنظيم التيار، ولكننا نعد بأن نعيد تنظيم أنفسنا لإصلاح هذا الأمر. * هل أدى ذلك إلى فقد التيار الشعبي كثيرا من شعبيته في الشارع المصري لصالح التيار الإسلامي في الفترات السابقة ثم لصالح حملة تمرد في الفترة الأخيرة؟ - التيار الشعبي هو ضمير مصر، وسيظل كذلك لأنه هو المعبر عن المصريين وثورتهم المستمرة. * ما تعليقك على انسحاب الدكتور البرادعي من جبهة الإنقاذ التي تضم التيار الشعبي وهل لذلك تأثيره السلبي على شعبيتكم في الشارع المصري؟ - لا الجبهة ولا التيار الشعبي يتوقفان على شخص، فنحن نحترم إرادة ورغبة الدكتور البرادعي ولكل وجهته، لكن ابتعاده لم يؤثر على شعبيتنا أبدا. * ماذا تقول لمن يعتبرون ما حدث في 30 يونيو انقلابا وليس ثورة؟ - ما حدث يوم 30 يونيو وما تلاه كان ثورة واستمرارا لثورة يناير (كانون الثاني)، فالثورة ستظل مستمرة وسنظل مع الشعب في الميدان حتى تتحقق كل مطالبنا الثورية حتى لو تطلب الأمر لثورات أخرى، فنحن لن نتوقف عن الدعوة إلى العدالة والحرية والكرامة. * هل تخشى على الثورة المصرية من سيطرة الجيش عليها؟ - ليس لدي أي مخاوف من الجيش أو سيطرته على السلطة لأن المؤسسة العسكرية حظيت باحترام الشعب وتقديره ولا يمكن أن تتدخل في السياسة. * ما رأيك في حكومة الببلاوي؟ - للأسف الشديد لست راضيا عن أدائها، فهي بطيئة جدا وتحتاج لتسريع عجلة تحقيق العدالة الاجتماعية والعدالة الانتقالية. * إذن هل يمكن أن تطالب بسقوط حكومة الببلاوي بحكم عدم رضائك عنها؟ - لا، هذا ليس وقته الآن حتى نكفل عملية الاستقرار المهيئة لإعادة ضبط الاقتصاد الوطني وإصلاح مواطن الخلل وتحقيق العدالة الانتقالية، فنحن ندرك أن المسألة ستستغرق وقتا ولكننا نود أن نرى ما يطمئننا ونسمع عن إجراءات اقتصادية تنحاز لمحدودي الدخل وتعيد الحقوق إلى الفقراء ومن دونها لن يتحقق الأمن ولا الاستقرار في هذا البلد. * هل أنت متفائل؟ بمعنى هل أنت مقتنع بأنهم سيحققون ذلك؟! - نعم، فنحن في التيار الشعبي سنظل مهتمين بالقضية ولن نتوقف عن المطالبة بهذه الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية ونحن نحذر الحكومة الحالية من الإخلال بالعدالة الاجتماعية، لأن في ذلك إخلالا بثورة المصريين. * هل يمكن أن تتولى منصب وزير الاقتصاد مثلا لتضمن أن تحقق بنفسك رؤيتك تلك التي تؤمن بها؟! - لا لا، أنا لا أفكر في الوزارة مطلقا فالمناصب لا تشغلني. * هل لأن الوزارة أقل من طموح مرشح الرئاسة المصري السابق؟! - (ضاحكا).. لا، ليس لهذا السبب، إنما أنا أرى أن منصب الوزير يستلزم تخصصا في النواحي الاقتصادية ويتطلب الإلمام بالأدوات التخصصية. لكني دائما في صف الشعب أعمل على تحقيق مطالبه العادلة. * بالمناسبة تردد أن هناك حملات من أعضاء حملة تمرد لتأييد ترشيحك للرئاسة فهل ستكرر تجربة ترشحك للانتخابات الرئاسية مرة ثانية؟ - هذا أمر سابق لأوانه ولم أتخذ قرارا بعد حول هذا الأمر والأهم عندي أن يكون الرئيس المصري المقبل رئيسا مدنيا يأتي بانتخابات حرة ويكون محل رضاء وتوافق من كل القوى السياسية، كما أنني مهموم أكثر بتحقيق الحرية والعدالة للمصريين. * دافعت من قبل عن ضحايا نظام الدكتور محمد مرسي في عهده، فهل يمكن أن تدافع عن حقوق أي مظلوم الآن حتى لو كان من جماعة الإخوان؟ - بالطبع، فهذا حق كل مظلوم ومثلما أطالب بالقصاص من كل من أجرم ومارس العنف في حق هذا الشعب بالقانون فإنني أدافع أيضا عن حقوق جميع المظلومين بصرف النظر عن انتماءاتهم ونحن لا نريد إقصاء أو انتقاما، ولكني أؤكد أن قيادات جماعة الإخوان المسلمين أخطأوا أخطاء قاتلة وارتكبوا جرائم سيحاسبهم عليها التاريخ في حق المصريين. * ما أكبر خطأ ارتكبته جماعة الإخوان من وجهة نظرك؟ - للأسف الشديد جماعة الإخوان أثبتت فشلها الذريع مرتين، فقد فشلت وهي في المعارضة، كما فشلت أيضا وهي في الحكم، والسبب الأساسي بسبب أسلوبهم في إقصاء الآخرين، وهذا أمر مرفوض، كما أنهم متشبثون بالسلطة لأقصى درجة، وبسبب تشبثهم هذا دفعوا مصر إلى ما نحن فيه، لكن مع ذلك فإن مصر آمنة وأهلها بخير وفي رباط دائم مهما حاولوا تقسيمها. * ما تقييمك للموقف العربي تجاه مصر؟ - أود بهذه المناسبة أن أوجه التحية إلى المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة لعظمة موقفيهما من الثورة المصرية ودعمهما للشعب المصري، وهو موقف يعيد للعروبة كيانها ومعانيها المفقودة. * هل زرت إسرائيل سرا كما تردد أخيرا؟ - أعوذ بالله، هذا مستحيل، وكل الناس تعرف ذلك، فلن يحدث أبدا أن أفعل ذلك، ومثل تلك الإشاعات تقتل نفسها في مهدها، لأنها تحمل داخلها ما يؤكد كذبها. * هناك عدة إشاعات عن تعرضك لحوادث أو ما هو أخطر فما سبب مطاردتك بمثل هذه الإشاعات؟ - أي شخصية عامة معرضة لمثل هذه الإشاعات والسخافات، وهو أمر لا يهمني على الإطلاق، والحمد لله لم أتعرض لأي حادث أو غيره مما تردد عن صحتي فأنا بخير. * هل تشعر بالقلق على نفسك أو أسرتك بسبب مواقفك السياسية، لا سيما مع ظهور جماعات متطرفة تهدد بالعنف انتقاما لما حدث؟ - الإنسان الذي يكرس وقته وحياته للصالح العام ولمطالب شعبه لا يهمه أي تهديد، وأنا أتركها لله ولا أخشى إلا الله، فالعمر واحد والرب واحد.