×
محافظة الحدود الشمالية

"أفراد دورية" يعتدون على شاب بـ "عرعر"

صورة الخبر

كثيرة من همومنا الاجتماعية والاقتصادية تعود اسبابها إلى أننا شعب استهلاكي بدرجة مفرطة، وأحسب أننا لسنا وحدنا في هذه المشكله، إذ نشترك في ذلك مع كل الخليجيين- إلا من رحم ربي منهم- وفطنوا منذ البداية إلى خطورة هذا الأمر. وأجزم أن هؤلاء قلة بالنسبة لأعداد السكان وبخاصة في بلادنا السعودية بما أننا أكثر منهم عددا. إن الاستهلاك الذي أدمنّاه ليس مالياً فقط، ولكنه إن لم يبدأ بالمال فهو ينتهي إليه، فعلى سبيل المثال: اختراقنا المستمر للأنظمة المرورية كان وما زال يأخذنا فيما بعد إلى استهلاك المركبات، إطاراتها أوكثير من أجزائها واحياناً السيارة بكاملها وهذا يأخذنا إلى الورش ومحلات قطع الغيار وطريق لا ينتهي من الاستنزاف المالي من هنا وهناك! جاء ساهر، وبقدر ما حورب بحجة الإضرار بالمواطن مادياً لم يكن كثير من الناس يسير في الطريق الصحيح ليتجنب ذلك الضرر فقد اعتاد الخطأ واستمرأه حتى أنه لا يعترف بأنه خطأ!! فيزيد السرعة في كل مكان ويتحدى إشارات المرور في كل مكان وأي وقت ويرى تلك الغمزات الضوئية لساهر ولا يأبه لها مهما كانت حالته المادية!! بل إن أصحاب الدخل المحدود جداً هم أكثر الناس استهانة بذلك النظام- الذي لا يتطلب تجنب أضراره سوى الالتزام بحدود السرعة- حتى وصل بعضهم إلى مرحلة طلب المال من الآخرين لسداد المبالغ الباهضة التي ترتبت على ذلك! وتعاطف معهم بعضنا واعتبروا أن الصدقة تحل لهم ليسددوا دين ساهر!! إنه الجهل بعينه الذي قاد بعض الشباب إلى أخذ قروض بنكية لسداد المخالفات!! وهو أيضاً الذي يجعل بعضهم يشتري قطعة تعتبر قفلاً للمكان الذي يثبت فيه حزام الأمان في السيارات ليتجنب الصوت المزعج في السيارة في حال لم يربط الحزام!! مع أن ربط الحزام يؤمنه- بعد الله- من أضرار الحوادث. وهذه الأمور لا تختلف كثيراً عن أساليبنا في السفر والسياحة، فنحن لا نجيد سوى الاستهلاك ليس باللهث في الأسواق فقط بل حتى في المحاولات الفاشلة للاستمتاع الذي لا يكون إلا بالجلوس في المقاهي لساعات طوال ودفع الحد الأدنى من المال لتلك المقاهي التي ضاقت بهم ذرعاً فوضعت تلك الحدود لعلهم يرتدعون ولكن لا فائدة فأهدافهم في مراقبة الآخرين ومتابعة ماذا يلبسون وماذا يأكلون؟ بالإضافة إلى استماتتهم في سبيل الاستعراض تجعل الأمر هيناً عليهم. تتعدد الأمثلة وتتنوع، وكلها تأتي من نقطة واحدة وتعود إليها وهي أننا نفرط في الاستهلاك وقد يتفوق الأقل دخلاً على الأعلى في هذا الجانب! وبقدر عدم رؤيتنا لعيوبنا أو علمنا بها وتجاهلنا لها تكون محاربتنا لأي نظام جديد يكشف عوراتنا الاجتماعية والاقتصادية. والرفض المستمر اليوم لنظام ساند لا يختلف كثيراً عن موقف الناس من اي نظام آخر فالدنيا قامت ولم تقعد على «ساند» وكل التركيز في انطلاق الرفض يبدأ من كيف تأخذ الدولة أموالنا بغير حق، ورغم أن المبلغ الذي سيحسم من الرواتب زهيد جداً قد يصرف في أي أمر تافه الا ان تأخذه منه الدولة! إن قلة قليلة جداً هي التي تفكر في الجانب الإيجابي حين يدفع أحدهم ١٪ من راتبه لأخيه الذي يتعطل عن العمل لأي سبب يتعلق به أو بجهة عمله. أما من يرفضون النظام جملة وتفصيلاً فهم يرفضون فكرة التكافل الاجتماعي ويرفضون المعاني العظيمة التي يشير لها قوله صلى الله عليه وسلم (المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا. وشبك بين اصابعه) كما يرفضون إشعار الموظف من غير المواطنين في الإسهام مع المجتمع الذي يعمل به والاعتبارات الأخرى المرتبطة بالتوظيف أو التخلي عن الموظف السعودي، ولن أطيل في شرح التفاصيل الاقتصادية الدقيقة لهذا النظام فتركه للمختصين أجدى، ولكني أتمنى أن يثمن الناس الجوانب الاجتماعية التي قد تكون صعبة في بدايتها ولكننا سنجني ثمارها بعد حين، وبخاصة للناشئة، ولمن يبدؤون حياتهم العملية في هذا الوقت كي لا يكرروا الأخطاء التي توارثناها وسلمنا بها.