ليس هناك أدنى شك أن المراكز التجارية في أنحاء المملكة وفرت الآف الفرص الوظيفية للشباب والشابات من أبناء الوطن من خلال برامج السعودة التي فرضتها وزارة العمل على أصحاب تلك المجمعات التجارية وما احتوت عليه من معارض ومتاجر، وكذلك برنامج تأنيث معارض ومحلات بيع المستلزمات النسائية الذي نجح في توفير العمل للفتيات اللواتي كادت أن تقضي عليهن البطالة. ورغم ما حققته هذه المراكز من امتصاص لحجم البطالة التي كانت تتضخم سنة بعد سنة إلا أن علينا جميعا، وعلى المسؤولين عن تلك البرامج التي وفرت تلك الفرص الوظيفية على نحو خاص، الاعتراف أن ذلك الحل وضعنا أمام مشكلة أخرى تتمثل في تدني مستوى تلك الفرص الوظيفية المتاحة والتي لا تكاد تخرج عن وظائف الحراسات الأمنية للشباب ووظائف البائعات والمحاسبات بالنسبة للفتيات، وبصرف النظر عن مستوى الدخل المدعوم من قبل صندوق التنمية، فإن تلك الوظائف لا تكافئ المستويات التعليمية للشباب والشابات الذين شغلوها، والذين يحمل كثير منهم شهادات جامعية، وهذا يعني أننا أمام هدر للقدرات والطاقات وكفاءات كانت مهيأة لكي تنهض بأعمال تكافئ ما تم إعدادها له وتبرر ما صرفته الدولة على ذلك الإعداد من رأس المال الوطني، وتعوض الجهد الذي بذله من تلقوا ذلك الإعداد حتى تخرجوا من الجامعات يحلمون بمستقبل وظيفي غير ذلك الذي وجدوا أنفسهم مضطرين لقبوله. شغل الوظائف ذات المستويات المتدنية بكفاءات علمية هدر للرأسمال الوطني يوجب على من هم مسؤولون عن التخطيط لمستقبل الوطن وأبنائه التفكير في استثمار أمثل لهذه الكفاءات والبحث عن بدائل للمجمعات التجارية، بدائل تكون قادرة على تحقيق ما يتطلع إليه أبناء الوطن وبناته من أعمال تستحق ما بذلوه من جهد في التعليم وتكافئ ما حملوه من شهادات جامعية.