×
محافظة مكة المكرمة

مشعل بن ماجد يؤكد أهمية الاستفادة من تقييم الاستشاريين في مشروع النقل العام

صورة الخبر

ما أجمل إيقاع صوت الريشة على اللوحات، وتمايل الألوان الحيوية المتدفقة منها في وحدة متناغمة، تندفع منها الظواهر الطبيعية بأسلوب حداثي يجمع بين البساطة والجماليات البصرية، ليتواصل معها الفنان والبائس والسعيد على حد سواء! ولد الفنان التشكيلي مقبول حسين الذي ولد عام 1915 في مدينة "مهاراشتري" وغادر في ذات السنة مع أهله إلى مدينة "إندور" واستقر أخيراً في مدينة "بومباي" في العام 1927 حيث بدأت مسيرته الفنية كرسام لملصقات بوليوود السينمائية، ويعد الفنان حسين فناناً عالمياً بعد أن رسخت أقدامه في التراث الهندي الفني الذي يمتد لأكثر من خمسين قرناً، مع الانفراد بقدرته على إبداع لغة تشكيلية تجمع بين المعاصرة والتراث الهندي ليمسح عن أرواحنا غبار الحياة اليومية كما يقول بيكاسو. تعمق الفن فيه حتى أصبح جذوته التي تمده بالدفء فتُسيّل ألوان ريشته الرشيقة في كل انطلاقة فنية جديدة! خضع حسين لتأثيرات الفن الإسلامي بعد دخوله إلى الهند، الفن الذي يعتبر زاخراً بالتجارب العديدة، فمنه انطلقت لغته التشكيلية حتى حملها على أكتافه في مختلف مراحلها فلا تكاد تفارق ريشته. وتعتبر أعمال الفنان مقبول حسين مرآة لأفكاره ومشاعره بل وحتى لحالته النفسية، تلك الميزة التي جعلته يحمل وبجداره لقب "فنان الهند الأول". زار فنان الهند أوروبا لأول مرة في عام 1953 حيث قام بإقامة أول معرض للوحاته في زيورخ، ثم عرضها في جميع العواصم الأوروبية وأبرز المدن في الولايات المتحدة وشرق آسيا، هذه الرحلة التي جعلت الغرب يطلق عليه لقب "بيكاسو الهند" لأنه كان كثير الاستخدام لحيواني "الفيل والحصان" وكانت معالجته للحصان تشبه معالجة الفنان العالمي بيكاسو للثور، إضافة إلى تمسكه بمحليته وبيئته ورفضه تبني المدارس الفنية الغربية كبقية الفنانين في بلده. هناك صفتان لا تنفكان عنه، فقد عرف بشعره الطويل وذقنه الطويلة البيضاء، كما اشتهر بإصراره على عدم الانتعال حتى في المحافل الرسمية، وذلك لقناعته بأن تواصله المباشر مع الأرض يمنحه الطاقة والصحة! يعتبر مقبول حسين عرّاب الفن الهندي الحديث لمسيرته الفنية التي وصلت حوالي 75 عاماً أنتج من خلالها أكثر من 40 ألف لوحة مكتملة، تزين الآن العديد من الفنادق ودور العرض، ولا يمكن الحصول عليها بأقل من مليوني دولار أمريكي! عاش "بيكاسو الهند" في المنفى الاختياري منذ عام 2005 وحتى وفاته في لندن عام 2011، وقد نفي بسبب معاداة الجماعات الهندوسية لبعض رسوماته التي تمس دينهم ورفعهم عدة قضايا ضده، وتلك ضريبة العيش في بلد التناقضات والإلهام، البلد المرتبط بفلسفة الديانات ومختلف الثقافات وجمال الطبيعة، بلد العجائب والغرائب كما وصفه الرحالة ابن بطوطة.