×
محافظة المدينة المنورة

تشكيل لجنة للنظر في شكوى موظفي بلدية ينبع

صورة الخبر

لم يعد هنالك من يشك أن تجارة الدواء أصبحتْ واحدة من أهمّ وأكبر التجارات، وأكثرها أرباحا، الأمر لا يحتاج إلى دليل، يكفي فقط النظر إلى تكاثر الصيدليات وانتشارها الكبير، وكأنها تتوالد بانقسام الخلية، حتى صارت أكثر من التموينات ومحلات الخياطة النسائية، أما ما يتصل بربحيتها فالأمر لا يحتاج كذلك إلى تقليب فواتيرها، والفروق الفاحشة بين أسعار التكلفة، وأسعار البيع للمستهلك. فلو لم تكن تربح وبشكل خرافي لما تكاثرتْ بهذه الصورة، ولما تسابق أصحابها لاستئجار أفضل وأفخم وأوسع المواقع لعرض بضاعتهم، فهي تجارة بالمعنى الحقيقي تقوم على العرض والطلب، مثل أي تجارة أخرى. كتبتُ عن هذا الموضوع، وسأعود وأكرر طالما بقي الحال على ما هو عليه، خاصة بعدما بات من الواضح أن هذه التجارة الأخطبوطية تحظى بحصانة خاصة منذ أن بقيتْ بمنأى عن وزارة التجارة، وهو ما يسّر لها فرض الأسعار التي تروق لأصحابها، على اعتبار أن مرجعيتها ترتبط بجهتين هما وزارة الصحة، وهيئة الغذاء والدواء، ولا أظن أن أحداً سمع يومًا أن وزارة الصحة مثلاً تدخلت في تعديل سعر دواء ما، حيث اختزلت رقابتها على طريقة حفظ وتخزين الأدوية وتاريخ صلاحية استهلاكها فقط، كما أن دور هيئة الدواء والغذاء اقتصر على التأكد من سلامة الأدوية من حيث التركيب الدوائي، والتصريح الرسمي من الجهات ذات الاختصاص بجواز استخدامه، أما السعر فلم نسمع أنه كان من ضمن اهتمامات الهيئة، وقد أسهمتْ هذه المعطيات فيما أعتقد بتحوّلها إلى تجارة صرف، وليس أي تجارة، وإنما تجارة تستطيع أن تفرغ كل لعاب الجشع من الأفواه الصادئة للمال، مستفيدة من علل الناس وأمراضهم، وضعف مستوى الخدمة الصحية في المستشفيات الحكومية، ليفتشوا عن العلاج في المتاجر الدوائية، التي تحوّل الصيدلانيون فيها إلى أطباء وجبات سريعة، بوسعهم أن يناولوك كمستهلك ما تشاء من الأدوية بمجرد سماع نوع الشكوى على عجل، مما ساهم في رفع معدلات مبيعاتها إلى الحد الذي لم تؤثر فيه حدّة المنافسة، وكثرة العرض، لأن الطلب سيبقى دائما هو الأكثر. وإزاء هذا الواقع الذي لا يحتاج إلى قرائن ولا إلى أدلة، كما سبق وأن أشرت، حيث يحمل قرائنه معه، كشواهد ناصعة مثل عين الشمس في صيف بلادنا، وبما يؤكد أننا أمام تجارة رائجة، قد لا تنافسها حتى تجارة العقار، أليس من المنطق أن يكون لوزارة التجارة دور ما في ملاحقة أسعار هذه التجارة، للسيطرة على جموحها، وإبقائها في خانة المعقول والمقبول، وفق قاعدة أنها خدمة وتجارة بنفس الوقت، وليس مجرد تجارة، بحيث يتم الاحتفاظ بحق ملاكها في التربح منها، دون أن يكون ذلك على حساب جيب المستهلك الذي لا يملك حولاً ولا قوة، لأن المسألة تتصل بدواء، وليس مجرد خيار تجاري يمكن أن يستبدله بخيار آخر أرخص، وأكثر مناسبة لإمكانياته ؟، ثم لماذا لا يتدخل مجلس الشورى لمناقشة هذه القضية ووضع الحلول لها بما يحفظ حق الطرفين، بلا ضرر ولا ضرار؟ خاصة وأن هنالك أدوية يجلبها البعض من دول مجاورة كجمهورية مصر، بأسعار لا يُمكن أبداً مقارنتها بالأسعار المحلية، رغم أحادية المصنع والمصدر، ما يستدعي فعلاً العمل على فك شيفرة هذه التجارة التي لا تزال تحظى بالازدهار والتوسع، رغم كل هذا الانتشار العريض الذي يسمح عبر فوائض الأرباح المتفاقمة كل يوم بفتح صيدلية.. بين كل صيدلية وصيدلية. ليس هذا فحسب، وإنما يسمح للبعض منها حتى ببيع الشيكولاتة والمكسرات ولعب الأطفال!.