«بين تلك الجبال الشاهقة وفي تلك الصحاري الواسعة بنجد يوجد أدباء عصريون كثيرون يحترفون حرفة الأدب التي يحترم جلالة الملك (عبدالعزيز) أصحابها. وهم عنده في الدرجة الأولى. هناك أدباء كثيرون ولكنهم ليسوا خريجي مدارس عالية أو كليات أو جامعات، بل بالسليقة الفطرية التي نشأوا عليها وبالقليل من النحو والأدب الذي يتلقونه عن علماء نجد يستقيم كلامهم من نظم ونثر؛ فأعظم معلّم لهم السليقة، ثم الكتب الأدبية التي يطالعونها وكيف لا يكونون شعراء أدباء، والطبيعة قد مثلت أمامهم بجميع معانيها من جبال ملساء وأراض جرداء وأنهار جارية ونخيل باسقة وسماء صافية. أما إذا أتى الليل فلا يرون ولا يعرفون ضجات المدن الكبيرة غوغاؤها وأضواؤها، لا يعرفون هذا كله وإنما يعرفون تلك الأرض الباردة التي يستلقون عليها ويعبثون بترابها الناعم فيردد المرء منهم صوته بشعر غزلي أو نبطي فتحلو عنده نغمته فيكرر ذلك فلا يجيبه إلا صدى صوته فيزداد طرباً وانشراحاً، فيشعر وإن كان لا يعرف الشعر، وينطق وإن كان أبكم، تلك الطبيعة بجمالها الفتان وحسنها الساحر. نذكر من هؤلاء الأدباء خالد بن محمد الفرج وهو أديب كبير ساكن بالقطيف وقد سبق أن نشر ثلاث قصائد عصماء في أم القرى وبضع قصائد في غيرها من الصحف ولا سيما الشورى ومجلة الكويت. ومنهم الأديب محمد بن عثيمين وهو الآن ساكن بالقصيم بنجد ولا حاجة بنا إلى ذكر شيء من شعره أو شعر غيره إذ القصد هنا التنويه بهم فقط ومعظم أشعارهم نشرت في الصحف السيارة كأم القرى والشورى والكويت وغيرها . ومن هؤلاء الأدباء حمد الصالح البسام تعرفت به أثناء قدومه إلى مكة المكرمة في هذا العام .. وقد نشرت له الأهرام قصيدة في عدد قديم؛ ولا أزال أذكر له بيتاً شعرياً يفيض بلاغة وحكمة وهو: إنما ترفع الشعوب نفوس هذّبتها فضائل الأعمال ومنهم محمد بن بليهد، وصالح الدويش، وفيصل المبارك، وغيرهم ممن تعرفت بهم وممن لم أحظ بمعرفتهم. هذه كلمة موجزة في الأدب العصري في نجد أردت بها تكوين صورة مجسمة للأدب في بلادنا بلاد امرئ القيس والذبياني والمهلهل والأعشى، وهناك اليوم كثيرون اشتهروا بهذه الصناعة يتداول أهل نجد وغيرها شعرهم ويترنمون بآثارهم، وعساي أوفق في فرصة ثانية لبيان أوفى عنهم» حسين بن علي بن سرحان تلميذ بمدرسة الفلاح بمكة * تلميذ بمدرسة الفلاح بمكة