في الأسابيع القليلة الماضية بدأ الحديث عن موجة إصابات جديدة بفيروس (إيبولا) القاتل. وجل هذه الإصابات والانتشار لهذا المرض حدث ويحدث في غرب إفريقيا. ويبدو واضحا أن تفشي هذا المرض يحدث في أماكن تكون فيها البيئة العامة غير صحية والرعاية الطبية والوعي بمثل هذه الأمراض غير موجود. ومع أنه لا تزال هناك محاولات جادة ومنذ زمن لإيجاد لقاح لهذا المرض, إلا أنه وكما هو معلوم أن هذا المرض ناتج عن ثلاثة من خمسة فيروسات. منها اثنان لها القدرة على إصابة البشر ليتحول بعدها كناقل للمرض. والمشكلة هنا تكمن في أن الإنسان المصاب لن تظهر عليه أية أعراض ولن يعرف أنه مصاب. ولكن الأنواع الأخرى وخاصة النوع الذي يسمى (إيبولا زائير) هو أكثرها خطرا وهو وراء ما يحدث من انتشار لهذا المرض في هذه الأيام. وتصل نسبة الوفيات لها النوع إلى (90%). وفي آخر المستجدات العلمية فإن سبب نقل هذا المرض هو بعض أنواع الحيوانات كالخفافيش والقرود, وانتقاله يكون عن طريق الفضلات الآدمية السائلة كالعرق أو القيء أو الإسهال. اي بمعنى آخر أنه لا ينتقل عن طريق الهواء. ولكن المشكلة تكمن في صعوبة إمكانية الاكتشاف المبكر لهذا المرض الذي يؤثر مباشرة على الكبد والكلى. وحيث إنه تم الإعلان في المملكة عن اشتباه في حالة واحدة في أحد الأشخاص بأنه مصاب بهذا الفيروس الخطير ووفاته لاحقا, فهناك أكثر من سؤال عن موضوع اقتراب موسم الحج. ورغم أنه من المعلوم للعالم أجمع القدرة الهائلة للرعاية الطبية في المملكة وقدرتها بحول الله سبحانه وتعالى على التعامل ومحاصرة أي مرض وبائي إلا أن الاحتياط واجب. وتعتبر المملكة من أكثر الدول في العالم خبرة في إدارة الحشود. ويشهد لها القاصي والداني بتلك القدرات. ومن يقم بأداء فريضة الحج ير التنظيم الكبير خاصة فيما يخص الرعاية الطبية. فهناك الآلاف من سيارات الإسعاف والمراكز الطبية والمستشفيات والتجهيزات. إلا أنه من الضروري أن نضع في الحسبان أن هناك أمورا طارئة لا يمكن التنبؤ بها أو التنبؤ بتبعاتها وخاصة فيما يخص فيروس لم يستطع العلم إلى وقتنا الحالي من فك رموزه وإيجاد مصل مضاد له. يضاف إلى ذلك أن هناك هيئات ومنظمات صحية في الخارج- وخاصة في البلاد التي ينتشر فيها هذا المرض- لا تعطي جدية كبيرة في محاصرة انتشار هذا الفيروس، وكذلك من المحتمل أن لا تكون الشهادات الطبية التي يقوم بالحصول عليها بعض من ينوي الحج أو العمرة من بعض هذه الدول غير صحيحة. وفي هذه الحالة لن يكون بمقدور من يراقب القادمين لهذا البلد التحقق من الوثائق. ولا بد من أن يكون هناك تعاون من الدول التي بدأ الفيروس بالانتشار على أراضيها حتى لو تم إلغاء قدومهم للحج في هذا العام. فمصلحة جموع المسلمين أولى بأن يتم الاهتمام بها. وتقديم المصلحة العامة في ظروف مثل تلك الظروف هو أمر طبيعي. فالحج هو لمن استطاع إليه سبيلا. والاستطاعة ليست محصورة في الناحية البدنية أو المادية. بل الاستطاعة تشمل كل ما له علاقة برحلة الحج.