أصبح الشخص الناجح في عمله الآن لا يبحث عن الإشادات والتهليل بمنجزاته، بقدر رغبته في ابتعاد أعداء النجاح عنه، وعدم اختلاق الشائعات ونشرها بين الزملاء، والتخطيط وحبك الدسائس التي تؤثر على مصلحة العمل، إذ بات هناك من يسعى بكل تفانٍ لعرقلة من ينافسه على النجاح في العمل، بل وزاد الأمر بالبعض بأن يفعل ذلك ويعلنه بين خاصته وربما للكل، بعد أن كان هناك من «يستحي على وجهه» ويعتمد طرقاً «تحت الطاولة»، رغم أنّ نظراته وتصرفاته تفضح معاداته للمتميز، وتكشف دسائسه المحمومة، وغالباً ما يكون من ذوي القدرات المحدودة في جهة العمل، إذ لم يقدم نجاحاً يمكن أن يفخر به، ولا الذي ترك الآخرين يعملون دون أن يكون حجر عثرة في طريقهم، حيث انّ همه الوحيد أن يعوض فشله وتقاعسه وكسله بالمؤامرات والمكائد التي يحيكها لزملائه المتميزين. ولا شك أنّه إذا لم تتعامل الجهات المسؤولة عن الموظفين بجدية وحزم فستتأثر بيئة العمل، وتضعف الإنتاجية، وتقل المحفزات على الإبداع والمثابرة، ويلوح في الأفق الفشل، وتقف جهل العمل في مكانها بينما تراقب منافسيها يفخرون بإنجازاتهم وتقدمهم، بعد أن استسلموا لعقد الكراهية والغيرة السلبية وشخصنة النجاح، بينما تتيح بيئة العمل الصحية الفرص للجميع لتقديم ما لديهم من عطاء، وتبرز إمكانياتهم وفق مبدأ العدل والمساواة؛ مما يوقف التقاعس بين المتنافسين، ويقضي على شائعات ومؤامرات ودسائس أعداء النجاح. بيئة صحية وذكر «زهير محمد كشغري» -أخصائي عقود الخدمات الإدارية- أنّ الإنسان الناجح يجب أن يتمتع بالكثير من المرونة، خاصةً وأنّها من المخارج الجيدة لحل الكثير من الإشكاليات التي قد تواجه الناجحين في العمل، وعدم المرونة في إدارة العمل أو المهنة التي يمارسها الإنسان قد تعرضه للكثير من ضغوظ أعداء النجاح، وقد يحدثون عنده نوعاً من العجز والتقاعس، مطالباً بالمرونة والعدالة في بيئة أي عمل، إلى جانب توزيع الفرص بين الجميع؛ مما سيخلق جوا صحيا للمنافسة بين الجميع، مبيّناً أنّ شفافية ووضوح الأنظمة من أهم العناصر التي نستطيع أن نعتمد عليها في حماية الناجحين، كأنظمة الترقيات، والمكافآت، والحوافز، موضحاً أنّ التوظيف كلما كانت هناك شفافية أكبر وأوضح أصبح التلاعب بعواطف الناجحين منعدماً، وبالتالي تحقق بيئة صحية من العمل تساعد على نهوض الجميع، وتقديم أقصى ما لديهم من وإنجازات. وأضاف أنّ التدخل في خصوصيات المتميزين من أجل محاربة نجاحاتهم والنيل منهم مرفوض تماماً، بل يجب أن يكون هناك دعم للرجل الناجح، ومساعدته للظهور وتحسين قدرته على العطاء وتحقيق الأهداف التي تعود عليه وعلى المجتمع بالخير، أما الفاشل والحاسد لا يشجع على التعاون معه، ولا يجب أن يؤخذ بآراء هذه النوعية من الناس، بل يجب أن يتم التصدي لهم، وحثهم بالكف عن الشائعات التي توجه من قبلهم للمتميزين في المجتمع، بل وحثهم على تطوير أنفسهم، وأن يقبلوا على العمل الجاد حتى يلحقوا بركب الناجحين، بدلاً من محاربتهم. حماية المتميزين وشدد «محمد صالح» -محلل مالي- على أنّه من المهم أن نحمي الناجحين والمتميزين في أي عمل، والعمل على رعايتهم، ودفعهم للمزيد من النجاح، والابتعاد عن التدخل بالخوض في خصوصيتهم، وجرهم إلى التقاعس والعجز عن القدرة التنافسية في مجال أعمالهم، موضحاً أنّ الدين الإسلامي لا يرضى ذلك، خصوصاً من يستخدم هذه الخصوصيات ببث الشائعات المغرضة في حق الناجحين ومجال عملهم، بل إنّ الدين يحارب كل شائعة كاذبة؛ لأنّها تعتبر من الفتنة، والرسول -صلى الله عليه وسلم- نهى عن إيقاظ الفتنة بين المسلمين، بل حثنا على التماسك والاجتماع على الحق، موضحاً أنّه يجب دعم الناجحين والأخذ بيد الآخرين ومحاولة إصلاحهم، وأن تيسر لهم أمور النجاح والإصلاح، بدلاً من أن يتركوا يمضون في إطلاق الشائعات المغرضة والكاذبة في حق الآخرين. وأضاف أنّه إذا نظرنا إلى سلوك المتميزين في أعمالهم، وحرصهم الدؤوب على تحقيق أهدافهم؛ نكون بذلك حققنا لهم الحماية، فالحاسد كل ما يريده هو نشر الشائعات والكذب ليظلل الآخرين ويمنعهم من رؤية عمل الناجح. تقاعس وانكسار وقال «أحمد إبراهيم اسكندراني» انّه من المهم جداً في أي مؤسسة أن نبدأ ونهتم بالعدل في أحقية التوظيف وترقية الموظفين، وتوزيع فرص العمل وإتاحتها أمام الجميع، وأن نمكنهم من الإبداع في جو صحي، معتبراً أنّ هذا الأسلوب سيقضي على المنافسة غير المشروعة، ويمنع الخوض في خصوصيات الناجحين، وسيتم التركيز على الموضوعية في الأعمال، وتحقيق الإنجازات والأهداف للفرد والمؤسسة؛ مما يكشف أنّ الشائعة التي تطلق حول الناجحين في أعمالهم لن تؤثر على نفسياتهم، إذا كانوا يعملون بجد وإخلاص في إنجاح المهام الموكلة إليهم، مبيّناً أنّ الإنسان الناجح لا تؤثر فيه الشائعات، ولا تقلل من قيمته، بل قد تمده بالقوة، والصبر، والمثابرة، والحرص على تنويع عمله، والاتصال مع كافة المؤسسات التي تساعده على تقديم المزيد من الإنجاز، بل وقد يوثر نجاحه على من يحاربه بتحويلهم إلى أعضاء ناجحين في المجتمع، بدلاً من اتباع أساليب التقاعس والانكسار. حسد اجتماعي ولفت «د. خلف بن سليمان النمري» -أستاذ الاقتصاد الإسلامي بجامعة أم القرى- إلى أنّ المنافسة في العمل والمهنة أمر مطلوب للرقي والإبداع، ومحاربة ذلك من البعض يعدّ عجزاً وتقاعساً عن الإنجاز والمنافسة؛ لأنّ التنافس الشريف من أجل الوصول لتحقيق الغايات والأهداف المطلوبة للفرد والعمل مطلوب، مبيّناً أنّ محاربة الناجحين وإطلاق الشائعات عنهم نوع من الحسد الاجتماعي، حيث إنّ أعداء النجاح دائماً ما يحاولون محاربة المتميزين بإطلاق الشائعات عنهم، واتهامهم بأنّهم لم يحققوا النجاح إلاّ بعد تملقهم الإدارات والجهات المسؤولة عنهم، موضحاً أنّ هذا الكلام يجب أن يتم تجاوزه، إذ أنّ الشائعة تبقى قولا غير حقيقي، ولن تكون صادقة أمام ما يحققه الإنسان الناجح من نجاحات على أرض الواقع، مشدداً على أهمية النظر قبل الترويج لأي شائعة قد تحبط ما يحققه المتميزون من نجاح ملموس في مجالاتهم، وأن نكون عوناً لهم؛ لكي يستمروا بدلاً من قذفهم بالشائعات والعمل على محاربتهم. وأضاف أنّ الفرص متاحة لمن أراد أن ينجح في هذه الحياة، وميدان العمل مفتوح لكل المتنافسين والراغبين الصادقين الجادين في خدمة أنفسهم وأمتهم وتحقيق أهدافهم، معتبراً أنّ المملكة من أنجح المجتمعات في تحقيق وإعطاء هذه الفرص لكل الجادين والحريصين على النجاح في أعمالهم، مشدداً على أنّ الذي يجب أن لا يغيب عن الأذهان أنّ الناجحين حققوا نجاحاتهم نتيجة إبداعاتهم، وآمالهم، وطموحاتهم، والتميز في مجال التطبيقات العملية، وحسن الإدارة، وابتعدوا عن مجال التقاعس، وتركوا أعمالهم تتحدث بالنيابة عنهم. وأشار إلى أنّ المجتمع السعودي شهد منافسات كبيرة جداً في مختلف المجالات، وكانت هناك نجاحات متميزة للكثير من رجال الأعمال يشار لها بالبنان، ليس على مستوى المملكة، بل وحتى خارج حدود المملكة؛ مما يؤكّد أنّ المجال مفتوح لمن أراد أن يتميز وعنده القدرة على ذلك، وهناك عدل ومساواة في منح الفرص، من أجل إيقاف العجز والتقاعس بين المتنافسين، وخلق جو صحي للجميع.