على وقع 17 صاروخا أطلقها فلسطينيون على إسرائيل، أكمل جيش الاحتلال الإسرائيلي في الساعة الثامنة من صباح أمس، انسحاب قواته من قطاع غزة ليضعها في مواقع هجومية على حدود القطاع بانتظار استكمال مفاوضات فلسطينية – إسرائيلية غير مباشرة من المقرر أن تكون قد بدأت مساء أمس، في العاصمة المصرية القاهرة؛ لتثبيت وقف إطلاق النار وتحقيق المطالب الفلسطينية برفع الحصار عن غزة. وكان وقف إطلاق النار الذي دعت إليه مصر بدأ أمس على أن يستمر 72 ساعة تجري خلالها مفاوضات لتثبيت وقف إطلاق النار، إذ دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى احترام وقف إطلاق النار مشددا على "ضرورة تطبيق المبادرة المصرية". وستجري المفاوضات غير المباشرة في القاهرة حول المطالب الفلسطينية التي تتضمن: وقف إطلاق النار والانسحاب الإسرائيلي الفوري من قطاع غزة، إنهاء الحصار على القطاع، فتح المعابر، تأمين دخول الأفراد والبضائع، حرية العمل والصيد في المياه الإقليمية إلى حدود 12 ميلا بحريا، إنهاء المنطقة العازلة التي تفرضها إسرائيل على قطاع غزة، الاتفاق على إعادة الإعمار وتأمين المساعدات العاجلة عبر حكومة الوفاق، إعادة الإعمار من خلال مؤتمر دولي للمانحين تنفذه حكومة الوفاق، التزام إسرائيل بتنفيذ صفقة شاليط والإفراج عن الأسرى الذين اعتقلوا مؤخرا، ضرورة تنفيذ إسرائيل الصفقة الرابعة للإفراج عن الأسرى التي تمت مع السلطة، وقف اعتداءات المستوطنين التي أعقبت أحداث 11 يونيو في الضفة". وبدورها ذكرت مصادر إسرائيلية أن الوفد الإسرائيلي سيصل إلى القاهرة خلال ساعات لبدء المفاوضات. وبحسب المصادر سيضم على الأرجح رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي يورام كوهين، ورئيس الهيئة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية عاموس جلعاد، ومستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي المحامي إسحق مولخو. وبعد 28 يوما من القصف المتواصل خلف جيش الاحتلال الإسرائيلي دمارا هائلا فاق بأضعاف ما نتج عن حرب 2008 و2012، إذ استشهد 1829 فلسطينيا وجرح 9450 آخرون، وهدم 30920 منزلا، و14 مدرسة، و9450 منشأة، و41 مسجدا، و7 عيادات، وفقا لإحصاءات دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية. ويقول مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة "أوتشا" أنه فيما كان 85% من الشهداء الفلسطينيين من المدنيين، فإن 96% من القتلى الإسرائيليين "67" هم من الجنود، مشيرا إلى أن 198 فقط من الشهداء الفلسطينيين هم من المقاتلين. وإزاء هذه الكارثة الإنسانية دعا، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات "المجتمع الدولي إلى توفير جسور برية وبحرية وجوية للتعامل مع الكارثة الإنسانية في قطاع غزة والناتجة عن العدوان والجرائم الإسرائيلية التي ارتكبتها إسرائيل ضد أبناء شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة". وأكد عريقات أن "الحكومة الإسرائيلية متعمدة وبإصرار قامت بضرب البنية التحتية في قطاع غزة من كهرباء ومياه ومجار، إضافة إلى المشافي والمدارس، ومنازل السكان، مما جعل أكثر من ثلث سكان قطاع غزة دون مأوى، ويتطلب هذا الأمر إيجاد مساكن موقته يمكن تأمينها من المجتمع الدولي بشكل فوري، كما يمكن تأمين محطات لتوليد الكهرباء والمياه فورا". وشدد "أن الحكومة الإسرائيلية تتحمل نتائج وتبعات عدوانها على قطاع غزة، الذي أدى إلى استشهاد وجرح نحو 12 ألف فلسطيني معظمهم من المدنيين، بحيث كان يستشهد ويجرح 17 فلسطيني كل ساعة من ساعات العدوان". وفي هذا الصدد بدأت السلطة الفلسطينية في الاستفسار عن متطلبات الانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية، إذ إنه وبناء على تعليمات من الرئيس محمود عباس، التقى وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، أمس في هولندا، وفي مقر المحكمة الجنائية الدولية، بالمدعي العام للمحكمة، السيدة فاتوا بنسودا، إضافة إلى جميع طاقمها، وأطلعها على جملة من الأمور، بما فيها العدوان الإسرائيلي المستمر على شعبنا في الأرض الفلسطينية المحتلة، خاصة في قطاع غزة". وأكد المالكي أن اللقاء يأتي من أجل الاستفسار عن جميع الخطوات والقضايا القانونية والإجرائية التي يتوجب على دولة فلسطين أن تقوم بها للالتحاق بمحكمة الجنايات الدولية، والتوقيع على ميثاق روما، بما فيها اختصاصات المحكمة الموضوعية، من جريمة الإبادة الجماعية، جريمة الحرب، الجرائم ضد الإنسانية، إضافة إلى جرائم العدوان، واختصاصاتها الإقليمية، والزمانية، وغيرها من الأمور الواجب التعرف عليها وتوضيحها مسبقا. وكجزء من جهود الإغاثة قرر مجلس الوزراء الفلسطيني تشكيل لجنة وزارية للإشراف على جهود التحضير لإعادة إعمار قطاع غزة، وتكليفها بالإشراف على إعداد الخطط اللازمة للإنعاش المبكر لإعادة الإعمار، والإعداد لمؤتمر المانحين المقرر عقده مطلع سبتمبر المقبل في النرويج، لحشد الدعم اللازم لجهود إعادة الإعمار، ودعم موازنة الحكومة. من جهته، عدّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن استكمال الجيش الإسرائيلي تدمير الأنفاق في غزة "كانت عملية معقدة قام بها جنود أبطال في ظروف قتالية صعبة"، إلا أنه أضاف: "كما قلت في بدء العملية، لا توجد هناك ضمانات بقدر %100 بأنه سيتم تحقيق النجاح الكامل، ولكننا بذلنا قصارى جهودنا من أجل تحقيق معظم أهدافنا". إلى ذلك طعن فلسطيني حارس أمن إسرائيلي في مدخل مستوطنة "معاليه أدوميم" الإسرائيلية، شرق القدس، مما أدى إلى إصابته بجروح متوسطة فيما تمكن من الفرار.