×
محافظة المنطقة الشرقية

حزمة برامج صيفية تنظمها الهيئة الملكية بالجبيل تستمر إلى منتصف شوال

صورة الخبر

هبطت الطائرة بنعومة لم أعهدها وكأن الأرض تتلقفها كطفلتها، ما أن وطأت قدمي أرضها حتى هدأت جميع أعضاء جسدي تنسمت عبير هوائها، كم أنا مشتاق لرؤيتها.. أتمنى منذ زمن أن أحتضنها ألقي عندها هموماً أثقلت كاهلي، أخذنا السير انتهت أوراقي بسرعة وجدت أناساً في انتظاري كلهم من أهل الفضل كان أول لقائي بهم على أرض الواقع على الرغم من أننا نعرف بعضنا البعض منذ أكثر من ثلاث سنوات على رقعة العالم الافتراضي تجمعنا التكنولوجيا بود كأننا أصدقاء منذ زمن، دلفت داخل أول باص أخذ يتجول بي بين طرقات المدينة اليوتيوبية المباني الطرقات كلها علامة على رقي أرض محبوبي، في الفندق كان الاستقبال حاراً رحب بي القاصى والداني، دلفت إلى غرفتي التي حجزت لي على الرغم من أني شخصية عامة إلا أن من يمتهن حرفتي يعاملون أفضل المعاملات، أتلوا القرآن في تدبر أنشد بين الحين والحين أبيات البصيري، يأتيني هاتف بأني مدعو لإلقاء التلاوة في ماء اليوم في الفندق أقبل لم أشعر بالوقت غير أني في المساء الذي أتى مهرولاً جلست في بهو الفندق رحبت بالحاضرين بعد مقدمة طويلة من أهل دعوتي أنشدت أبياتاً للبوصري ثم أخذت في التلاوة حتى أفاض الله علي كرمه وما أن انتهيت حتى كان حشود الناس يلتفون حولي، في الصباح حملني الباص إلى مرفئي ومكان عشقي في بيت الله الحرام بين رحاب رب العزة أقف أترجى القبول والدخول إلى رحمة ربي أشير بيدي ويسبقها كياني الذي ينماس من فرض الموقف أرتجف رهبة، أمامها أقف لا أدري ماذا أفعل ما الذي يتوجب على كل كياني أن يقوم به، فلقد هربت مني أشيائي كل ما علق بها من تعاملات وعلوم، الرحلة الوحيدة التي لا أدرى كيف لا يعرف بقيمتها أحد ولم يقم بها، إنها رحله الاشتياق رحلة الغرام رحلة العشق الأوحد والمجد المطلق إنها منحة الله في الأرض التي يسمو بها الإنسان بلا حواجز.. أقف أتمتم بكل ما يجش به صدري وكياني.. أنهار تزرف من عيني أمواج من التخاطر اللاإرادي تهز أرجائي وتجرفها إلى حيث الصرح العظيم الذي ما أن وقعت عليه عيناي حتى تركت دنيا الموجودات هائماً في ملكوت الروحانيات هذه الأرض التي وطئها رسولنا بقدميه، هنا سار وهنا جلس وتحدث، وهناك وقف وفي هذا المكان خطب بالناس وحول البيت طاف؛ هذه البقاع التي تنفس بها رسولنا بأنفاسه تلك البلاد التي حوت بأرجائها حبيب قلبي؛ كيف أصف فلو امتلكت أروع ريشة فنان وإن تملكني سحر البيان لعجزت عن وصف أرجاء مكان قامت على أرضه العاطرة الكعبة، كيان العبادة وحي العبادات مرثى البشر ملهمة الوجد هي تلك التي شرفنا الحبيب من ربه بخير هدية إنها بيت الله في أرضه إنها التي احتوت عوالم الكون تلك الجدار التي لمسها الحبيب هذه الجدران حوت الرسول أياماً هي وحي الروح وملهمة الوجد إلهي أرتعد لا من وجع ولا من ألم أنتفض لا من خوف ولا من رجفة بل إنها الرهبة الربانية من يناديني قف.. فأنت في حضرة خير بقاع الأرض أنت في مهبط الرسالة التي غيرت الكون التي ملأت ما بين الكونين رحمة وحوت كل فضائل ما وردت من قبل على مخلوقات ربي. هي من يراها لا يملكه الكيان البشري من التمالك فكم تهاوت أمامها هامات.. كم تلاشت أمامها كبرياء كم تحطمت على أعتابها ممالك وكم احتوت بين أرجائها مخلوقات. أناديها أترجى من بين ذرات ترابها قبولي أطلب الأذن أن أنال رحمة ربي من عند أعتابها أتقرب بها، فمهما دعوت فإني عندها أدعو وكأني أناجى ربي دون حواجز سلسبيل، ماؤها مسك وزعفران.. إنها بلد الوجد الإلهي لمن يرجو الفوز ونيل المطالب، ففي أرجائها روضة من رياض الجنة وبين ثراها أجساد حوت علوم ما فطنها إنسان وكأني بها قد فاقت روحي الآفاق وأدعو من ربي ألا أعود إلى أرضي أرض النفاق أنادي دعوني أتنسم عبيرها وأشرب سلسبيلها وأعفر وجهي بترابها وعند أسعد الأحجار مهجتي تزرف، وفي حضرة كعبة الوهاب أطلب وكيف أطلب منه وقد وهبني عقلاً مدركاً ومكاناً للغفران لا ينضب معينه وماء للعليل سلسبيل طعمه، وروضة من الجنان دواء وشفاء لكل من يزورها، إنها حضرة الحبيب وبين نسائم عطره الأخاذ وفي بيت الله ألوان من بشر جاء يبث أوجاعه ويستجدي الرحمة والمغفرة، عدت أدراجي من حيث بدأت في غرفتي أرسل لي القائمون على مصاحبتي في الرحلة أصحاب دعوتي إلى بيت الله الحرام على أن أبقى في ضيافتهم لتلاوة القرآن وإحياء الليالي في هذه البقاع على أن أعود حيثما شئت، جلست ما بين قبول وتردد ماذا عساي أن أفعل أترك أرض الحبيب أم أترك أرض منشأي وصباي، بلدي التي من ترابها نشأت، في حين لا يسأل عن المكانية بجوار رسول الله في بلد الحب والعشق الإلهي.. جلست ليلتي في حيرة الملتاع من رفض أيهما ثم.. أخذتني سنة من النوم فغفوت وبعدها........؟ تناقلت الصحف وبرامج الفضائيات الخبر لقد كان عالماً من فضلاء الأمة رحل إلى حيث شاء واختاره ربه بجوار من أحب.