قابلته في إجازة العيد وقال نقدك للعقاريين والمحتكرين ووزارة الإسكان والجهات الحكومية ذات العلاقة بموضوع الإسكان قد خفّت حدته في مقالاتك الأخيرة وهذا مالم أعهده منك. رسالته واضحة وهي الاستمرار في النقد وهذا ما يطلبه السوق وأنا أحترم وجهة نظره وجميع القراء ولكن لا بد من تحقيق الهدف من الكتابة وليس البحث عن الإثارة والجماهيرية من خلال طرح أحادي الجانب. قلت له لقد كتبت كثيراً عن الإسكان وإخفاقات القطاعات الحكومية وبيروقراطيتها ومشاكل الاحتكار من قبل التجار والعقاريين والمؤسسات الخاصة والبنوك وعدم احترافية شركات التطوير العقاري ومشاكل المساهمات المتعثرة. ويبقى التوازن في الطرح مطلوبا وألا يقتصر على إثارة اعجاب شريحة من الناس ودغدغة المشاعر وانتقاد كل الجهود التي تقوم بها الحكومة من خلال مؤسساتها وتهييج الشارع والدعوات المستمرة للمقاطعة وعدم الشراء او التداول بدون أي مقومات.. تحكيم العقل هو المطلوب وليس العواطف في موضوع مصيري يكاد يمس معظم المواطنين ودفعهم الى اتخاذ قرارات قد تكون كوارثية ماديا ومعنويا ونفسيا. اهم موضوعين في هذه الدائرة هما؛ الاحتكار والخدمات التي تقدمها الجهات الحكومية مثل وزارة الإسكان والبلديات، وان كنت كاتبا او اقتصاديا وتدور حول هذين المحورين بالنقد اللاذع دون الخوض في الإيجابيات فستجد من يصفق لك. يقول صاحبي إن مقاطعة المواطنين للشراء أصابت العقاريين في مقتل وقلت له بأن المقاطعة في معظمها لم تكن اختيارية بل كانت اجبارية لأن القدرة الشرائية لا تواكب الأسعار السائدة وهذا ذكرته في مقالات منذ أربع سنوات. البيع والشراء لا زال قائما في بعض المناطق وإن كان على نطاق ضيق وبأسعار قد تكون عالية ولا تناسب الكثيرين وهذا يعود لوجود قدرة شرائية لدى البعض وندرة الأراضي في بعض المخططات المرغوبة ومن الجانب الآخر هناك توقف وعزوف عن الشراء في معظم المناطق رغم انخفاض أسعارها. زبدة القول بأن الجانب السلبي في السوق العقاري يحوي أخطاء وتجاوزات واحتكاراً وتدليساً وتلاعباً واستغلالاً من قبل (بعض) المتعاملين فيه وهناك بيروقراطية ولامبالاة وضعف إدارة في (بعض) القطاعات الحكومية المعنية بشؤون الإسكان، وهناك اتكالية ولامبالاة وضعف ثقافة الادخار وإلقاء اللوم على الآخرين من قبل المواطن. النظرة الشمولية مطلوبة وتحليل واقع السوق ومسببات الأزمة الإسكانية لابد ان تبنى على حقائق ووقائع وليس الاجتهادات او الأماني وحركة البيع والشراء تحكمها الحاجة وليس الرغبات. وهناك خطوات إصلاحية قامت بها الدولة لحل المشكلة تحتاج الى وقت وهناك أخطاء وقرارات سلبية من قبل المواطن أدت الى تفاقم المشكلة وتراكمها. لذا فالمطلوب الحيادية في الطرح دون تجن على طرف دون آخر. وان كان هناك انحياز فسيكون لصالح المواطن بلا شك انطلاقا من استراتيجية وتوجهات الدولة للاهتمام بتحقيق متطلبات المواطن ورفاهيته.