أعود لممارسة هذا الشغف الكتابي الدفين، الذي أبى أن يرحل عني وأبى إلا أن يظل لهيبه مستعراً في مواقع قاتلة في القلب والعقل، وبعض الفكر بعد توقف قارب العام. أعود لهذه الممارسة الكتابية الفاتنة، التي أجدها نبضاً يجترني من أعالي صمتي إلى ساحات البوح الذي يشبه الصراخ في كثير من أحيانه، هذه الكتابة التي أجد فيها قلمي هو نبض لقلبي وفكري ومواقفي المتعددة والمتنوعة، ولهذه الأسباب مجتمعة اكتشفت أن سبب توقف قلمي عن الحركة وصمته الطويل. هو أنني لا أكتب بأصابعي، وإنما أجمع قلبي وعقلي وكثيراً من حواسي ومشاعري العميقة أجمعها في كف ينزف بها ليغرق الورق فكراً وحباً وبوحاً يكاد يجرف كل ما حولي من ضجيج. إنه الغضب أو الحيرة أو التأمل في ظل ظلم كشف عن صدره وتجرأ على المألوف، بل وصرخ وصار يسمع له ضجيج، فالعالم اليوم أصبح يموج بالظلم والاضطهاد وميزان العدل اختل وصرنا في عالم معظمه صامتون عن الحق، خرساء موالون لمصالحهم الخاصة، غامطون للحق والحقيقة، متواصون بالظلم وكثير من الباطل. وما يزيد في صمتنا وكسر مجاديف أقلامنا هو أن يعلو صوت الباطل من أفواه كنا نعتقد أنها نبراس للحق والصدق والعدل، لكنها ركبت موجة المصالح الخاصة وآثرت الباطل ومجدته وباعت مبادئها بحفنة من تراب.