كشف لـ «عكاظ» الدكتور حمد العقلا نائب المحافظ للتدريب في المؤسسة العامة للتدريب التقني، وأمين تطوير حائل الأسبق أن البيئة الفلاحية التي نشأ فيها علمته الاعتماد على النفس؛ نظرا لكونها مليئة بالعمل والاجتهاد، على الرغم من حالة التقشف المشوبة بها، واصفا الثلاث سنوات التي قضاها بالهيئة العليا لتطوير حائل كإحدى المراحل المهمة، التي كونت لديه رصيدا معرفيا متعمقا في مسائل التنمية المحلية، والإشكالات المركبة والمعقدة في العمل البيروقراطي الحكومي، مبينا أن العمل في الماضي كان يعتمد على الفرد، والعلاقة بشكل كبير، خلافا لما تقوم عليه الآن من نمط الحياة الموجهـة، مشيرا إلى وصفه تجربته في العمل بمؤسسة التدريب بالرائعة والجميلة، منوها أن التحديات في العمل كثيرة جدا خاصة إذا كانت متعلقة بمسؤولية نشر التعليم الفني في جميـع محافظات المملكة، موضحا أن المناصب القيادية العليا تحتم على من يتولاها النظر لجميـع المناطق والمحافظات، والمدن، بعين واحدة، وبنفس الدرجة، فإلى تفاصيل السهرة : • هل كنتم أحد المشاريـع المتعـثرة في حائل ؟ هذا سؤال يضعني وكأنني مشروع بذاتي، فعملي بأي محطة من محطات العمل التي أوضحتها لكم، وما أنا إلا أحد الزملاء والزميلات نعمل سويا وكفريق عمل واحد من أجل تحقيق الهدف المنشود، وحائل فيها خير وبركة وأبناء حائل فيهم الخير والبركة، فقط نحتاج إلى التقليل من جلد الذات، وأن نعمل سويا مع أنفسنا ورفاقنا وقادتنا لبلوغ الهدف السامي، وأن لا نكون رهينة للمعلومات المغلوطة والشائعات المفتعلة. • شركات صحية، سياحية، اجتماعية، مبادرات، حزم برامج ومشاريـع أطلقت في وقتكم كأمين عام للهيئة العليا لتطوير منطقة حائل .. أين ذهبت ؟ دعني أقول إن المشاريـع التنموية في حائل هي عمل تكاملي بين أطراف العلاقة في المنطقة، وأعتقد أن مجمل ما تم إطلاقه إما أنه أنجز أو تعثر البعض منه، وهذا التعثر ليس فقط في حائل المنطقة بل يوجد في جميع مناطق المملكة، ولا أعتقد أن طرح السؤال مفتوحا كهذا دون تحديد الموضوع أو المشروع سيوصلنا إلى إجابة مرضية، لكنني أود القول بأن هناك مشاريع كثيرة عملت الهيئة مع جهات متعددة فبعض منها تم إنجازها أو تجاوز مشكلات تعثرها، فخذ على سبيل المثال لا الحصر : أرض الهيئة خططت وطورت وهي الآن بطريقها إلى النهوض، الطرق في حائل حيث يلج إلى حائل ستة طرق سريعة أنجز منها الكثير والباقي تحت التنفيذ، مشروع الرالي أنجز، مشروع اسمنت حائل أنجز، مشروع المسمى تم تجاوز كل مراحل التعثر، مشروع الصرف الصحي في مراحله الأخيرة، ومشروع المياه الشامل في مراحله الأخيرة، ومشروع أرض وزارة الدفاع شمال موقع جامعة حائل استلم لصالح المواطن، إضافة أرض إضافية لجامعة حائل غير ما كان مخصصا لها أنجز، أرض الحرس الوطني البديلة لأرض الهيئة أنجزت بل إن مبانيها الحديثة أوشكت على الاستلام خلال الشهرين المقبلين، إلى جانب المشروع الخيري للشيخ سليمان الراجحي، ومركز المرأة والطفل بحائل، ومشروع آثار مدينة فيد، والمستشفى السعودي الألماني الذي أوشك على الانتهاء وحسب قول المهندس صبحي بترجي سيكتمل مع نهاية هذا العام 2014، مجمع الوقود من أرامكو اتجه إلى النور، المخطط الحضري لمنطقة حائل أنجز بالتنسيق مع وزارة البلديات وأمانة المنطقة، المنطقة الصناعية الجديدة، المدينة الاقتصادية بحائل ــ صحيح أنها متعثرة لكن وجودها كإحدى المدن الست في المملكة يعد مكسبا ــ ، ومشروع مطاحن الدقيق بحائل، طرح مجموعة من الجسور كتقاطعات رئيسية للطرق السريعة. ديدن العمل • هل استعنت بمنصبكم السابق في إيصال صوت منطقتك لصناع القرار؟ العمل في مواقع قيادية عليا كهذه تجبرك بأن تنظر لجميع المناطق والمحافظات، والمدن، والقرى في مملكتنا الحبيبة بعين واحدة، ومن أخلاقيات العمل وحقوق الآخرين علينا أن نعاملهم بنفس الدرجة (صدقني هذا هو ديدن عملي في موقعي السابق). • ما استفادة حائل من تجربتكم في العمل لدى الهيئة العليا لتطوير المنطقة؟ العمل كأمين عام في الهيئة العليا لتطوير منطقة حائل، هذه أيضا إحدى المحطات الغالية علي وذات القيمة الخاصة، فبعد عودتي من القاهرة استلمت الهيئة وهي حديثة عهـد، للتو معلنا عن اعتمادها من قبل القيادة العليا في الدولة، وبقيادة سمو أمير المنطقة، وسمو نائبه، ووجود كوكبة أكثر من رائعة في مجلس أمناء الهيئة انطلق العمل لبناء حائل التنمية والتطوير كمنطقة هي في أمس الحاجة إلى مزيدٍ من الجهد والعمل المخلص الدؤوب، وبالفعل رسمت الخطوط العريضة لكيفية التطوير، وبدأنا بالتخطيط الحضري لمنطقة حائل والتخطيط العمراني لأرض الهيئة، وقراءة متطلبات حائل المنطقة، واحتياجاتها التنموية في مجال البنى التحتية (طرق، كهرباء، مياه، صرف صحي، اتصالات، غاز، درء السيول ... إلخ)، ومن ثم احتياجاتها التنموية الأساسية من (صحة، تعليم، شؤون اجتماعية)، وأيضا مراحل الاستثمار التنموي في مجالات عدة (سياحية، رياضية، ترفيهية، زراعية، تعدين .. إلخ)، كما أن البيانات والمعلومات والدراسات (الإحصائية والإكتوارية) قليلة جدا؛ وذلك ما حدا بالهيئة أن تركز على مجموعة من الدراسات والأبحاث ذات الصلة، ناهيك عن التحديات التي تواجه الهيئة والمنطقة بوجه عام (محدودية الموارد المالية وأيضا محدودية الموارد البشرية النوعية)، لكنني أقيم الثلاث سنوات التي عملتها في الهيئة كإحدى المراحل المهمة بالنسبة لي التي كونت لدي رصيدا معرفيا متعمقا نوعا ما في مسائل التنمية المحلية، والإشكالات المركبة والمعقدة في العمل البيروقراطي الحكومي. • انتقالك من الهيئة قبل اكتمال عدد كبير من البرامج والمشاريـع التنموية لمنطقة حائل كانت محبطة للمتحمسين لجهودك .. ماذا تقول ؟ آمل أن لا يكون مفردة الإحباط هي ما يستخدم هنا، لكنني أوكد أن العمل التنموي المؤسسي يعد من أصعب المهام التي تواجه الفرد بل المجتمعات بأسرها، فقد تم البدء بالعديد من المشاريع الهامة والمفيدة للمنطقة، نعم بعض منها كان بحاجة إلى حراك إداري تنظيمي أكبر، وإنما المؤشرات جميعها زادت بشكل ملحوظ عدا بعض القطاعات، التي واجهت إخفاقا هنا وهناك، لذا أقول عشمنا كبير في الجيل الجديد أن يتجاوز كل المتعثرات من مشاريـع قائمة، والعمل بروح الفريق، وبجدية لتحقيق المزيد من المشاريـع التنموية التي تحتاجها حائل المنطقة. مناصب متعددة • وماذا عن عملك والجهات التي عملت بها ؟ عملت في عدد من الجهات الرسمية محاضرا في معهد الإدارة العامة بالرياض منذ العام 1983م، وتدرجت في عدة مناصب إدارية آخرها مدير عام إدارة البرامج الخاصة حتى العام 1997م، وكلية التربية بحائل وتدرجت في عدة مناصب إدارية آخرها وكيل الكلية للشؤون التعليمية من العام 1997م حتى العام 2000م، وأمين عام المجلس العربي للطفولة والتنمية في القاهرة من العام 2000م حتى العام 2003م، وأمين عام الهيئة العليا لتطوير منطقة حائل من نهاية العام 2003م، وحتى العام 2006م، وعميد كلية التقنية بحائل ورئيس مجلس التعليم الفني والتدريب المهني بمنطقة حائل من العام 1426 ــ 1427هـ، ونائب المحافظ للتدريب في المؤسسة العامة للتدريب التقني من شهر ربيع الآخر 1427هـ ، وحتى 1/7/1434هـ، حيث تقاعدي و(حاليا وبعد التقاعد) أعمل مستشارا ومديرا لمكتب البرامج التطويرية بالمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني. دروس خالدة • ماذا عن تجربتك في المجلس العربي للطفولة والتنمية في القاهرة؟ أعتبر كل مرحلة من مراحل عملي الموضح لكم (تجربة خاصة) لها مذاقها الخاص لي، فتجربة العمل بالمجلس العربي للطفولة والتنمية بالقاهرة الذي هو بمثابة اليونيسيف للعالم العربي، وأرى أنها فتحت لي الباب واسعا حول موضوع التنمية البشرية والإنسانية بكل أطيافها المتعددة، خاصة أنني أعمل على صعيد الساحة العربية من الخليج إلى المغرب العربي، فبقدر ما فتحت لي آفاق العمل التنموي والمجتمعي على الصعيد العربي ربطتني بعالم أوسع ألا وهو العمل الدولي ممثلا بمنظمات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية ذات الصلة، فهي تجربة أحسست بها ومن خلالها بتجسيد العلم والخبرة والمهارة التي برزت لدي بكل وضوح، استفدت منها كثيرا علمتني دروسا خالدة لن أنساها مطلقا، بحق هي تجربة أعتبرها من الطراز الرفيع في العمل المؤسسي التنظيمي. • كيف تقيـم تجربتك كنائب المحافظ للتدريب في المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني ؟ تجربتي في العمل كنائب المحافظ للتدريب في المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني أراها هي الأخرى من المحطات الرائعة والجميلة في العمل الرسمي، حيث المؤسسة تتميز كجهاز حكومي بحيوية وديناميكية قل أن تجدها في الأجهـزة الحكومية الرسمية، كما أن التحديات في العمل كثيرة جدا خاصة أنه كان أمامنا مسؤولية كبيرة لنشر التعليم الفني في جميع محافظات المملكة، بالإضافة إلى أن هذا الوضع صادفه تحول كبير في مسيرة التنمية والتطوير التي يقودها ربان المركبة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، فكان التسارع على أشده في المشاريـع التنموية والتطويرية التي انعكست بطبيعة الحال على أعمال المؤسسة والأدوار المنوطة بها. • كيف كانت طفولة الدكتور حمد، ومن الشخصيات الداعمة له؟ طفولتي كانت عادية كأي طفل يعيش بين والديه وأقرانه، حيث ولدت في بيئة فلاحية يغلب عليها الطابع الموجه المباشر للاعتماد على الفرد منذ نعومة أظفاره، وهكذا نشأت وترعرعت بين النخيل والمزارع، أعمل وأساهم مع أفراد عائلتي منذ صغري، علما أن بيئة الحارة التي نشأت فيها كانت تفتقر في ذلك الحين (نهاية سبعينات وثمانينات القرن الهجري الماضي) إلى الكثير من مقومات الحياة الحديثة، بل واعتبرها حياة قاسية يشوبها التقشف من كل جوانبه، لكنها حياة مليئة بالعمل والجد والاجتهاد والانتماء إلى القيم والتقاليد والعادات المجتمعية العربية الأصيلة، ومن أكبر الشخصيات الداعمة لي هو والدي عقلا علي العقلا «رحمه الله»، الذي كان يذكي لدي رغبة العمل والتعلم والجد والاجتهاد، ويحرص دائما على متابعتي وتحفيزي أن أكون متعلما ناجحا. حدري البلاد • أنتم من عائلة تسكن وسط بساتين النخيل (حائل القديمة) أو (حي حدري البلاد) كيف تصف لنا هذا الحي؟ حي حدري البلاد بحائل هو ما يمثل عمق حائل التاريخ والعادات والتقاليد والقيم العربية الأصيلة، فكما تعلم أن حائل المدينة على مر العصور القديمة تكونت على ضفاف وادي الأديرع العملاق (أو ما يسمى وادي الديعجان)، الذي يخترق حائل بطول يتجاوز المائتي كيلو متر منطلقا من جبال أجا في الواجهة الجنوبية من مدينة حائل، مرورا بمدينة حائل، وبمنطقة حائل القديمة (حدري البلاد)، التي يقسمها إلى جزءين شرقي وغربي متجها شمالا، إلى قاع هوبان في محافظة بقعاء المصب النهائي. • هل تختلف بيئة حائل عن غيرها من مناطق المملكة من حيث العادات والتقاليد؟ أعتقد أن البيئة لها خصوصيتها في كل مكان بالمملكة، ولاشك أن العادات والتقاليد المجتمعية في ذلك المكان أو الناحية تضفي عليها حسها وجمالها الخاص بمن ينتمي إليها، فالبيئة بحدري البلاد، وفي حائل المدينة هي الأخرى لها خصوصيتها بالنسبة لي، إذ إن العادات والطقوس الدينية تترجم من خلال المنظومة القيمية المجتمعية في ذلك الوقت مثل صلاة التراويح، وصلاة القيام، مساء أيام الاثنين والخميس، واجتماع العائلة والجيران على الفطور أو السحور، كما أن في ذلك الوقت خاصة في بداية الثمانينات الهجرية كان الرحل يأتون على الجمال، وينيخون ركابهم في الوادي ويحلون ضيوفا على والدي «رحمه الله»، إضافة إلى تبادل الأكل ما بين الجيران، السهـرات الرمضانية العفوية البسيطة، لعب الأطفال، حقيقة هناك أشبه ما يكون وجود «سيمفونية» خاصة تشكلها العادات والقيم والتقاليد المجتمعية الخاصة بحائل وبحدري البلاد، التي لها سحرها وعبقها وأصالتها الخالصة. • هل اختلفت يوميات العيد في وقتنا الحالي عن زمان؟ أعتقد أنها اختلفت بشكل كبير، فكل شيء تغير على المجتمع ، الأكل وأصنافه المتعددة، نمط الحياة العائلية، ومدى التواصل الاجتماعي، حيث في الماضي نلحظ أن هذا الجانب أكبر وأعمق بين أفراد المجتمع، محدودية الوسائل، خاصة الوسائل الإعلامية، التي لا توجد بتاتا في الماضي (خلاف العصر الحديث)، وهذا بالطبع يفسح المجال واسعا لتنمية العلاقات بين الناس وهو عكس ما نلاحظه في وقتنا الراهن، في الماضي كان يعتمد على الفرد، والعلاقة بشكل كبير نجدها العكس حاليا فهي تعتمد على نمط المنتجات الموجهة. • حدثنا عن فترة دراستك في أمريكا خاصة العيد؟ بحكم دراستي السابقة في الولايات المتحدة الأمريكية، التي امتدت إلى أكثر من خمسة عشر عاما كان المطبخ صديقا لي، فكنت أقوم بتقديم الأطباق (المحدودة) لكنها كانت تفي بالغرض، الآن الأمر اختلف تماما فحبيبتي أم خلدون تقوم بهذا الدور بكل اقتدار، وانحصر دور المطبخ لدي إلا في الرحلات والسفر فيكون انتمائي للمطبخ أقوى، أما الأطباق التي أحرص عليها هي المقبلات الخفيفة مثل الشوربة، السنبوسة، المعكرونة، الـرز. • كيف كنت ترتب أعمالك؟ أستيقظ مبكرا، وأقوم بأعمالي الرسمية، وأقضي أوقاتي بالقراءة العامة، والخاصة كقراءة القرآن، والتفاسير القرآنية خاصة أن موسم رمضان تـزداد فيه وتيرة الأسئلة والاستفسارات عن الأمور الدينية والدنيوية، فتجدني أحيانا ألج إلى بعض كتب التفسير والتاريخ رغبة في الحصول على آراء علمية مبحوثة ومتخصصة. • من الشخص الذي غاب عنك وتتذكره في الشهر الفضيل؟ والدتي رحمها الله رحمة واسعة، فكما تعلم أن الوالدة لكل فرد لها مكانتها وقيمتها الخاصة، علما أن والدتي كانت بمثابة «منارة الحي» فقد افتقدتها كما افتقدها الكثير من أبناء الحي وحتى بعض الأحياء الأخرى بحائل، فهي دون شك كانت نقطة الارتكاز للصغير والكبير، وتجد رمضان أثناء حياتها رحمها الله يتميز بخصوصية خالصة لها مكنونها الخاص ونكهتها الخاصة. • دكتور سنذهب بعيدا.. ماذا عن تعليمك بعد المرحلة الثانوية ؟ بعد أن أكملت دراستي حتى المرحلة الثانوية في مدينة حائل، انتقلت للدراسة الجامعية في العام 1974 إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وحصلت على شهادة البكالوريوس في الهندسة الإنشائية عام 1980م ، من جامعة ساجنا الحكومية في ولاية مشجان، وشهادة البكالوريوس في علم الاجتماع التنظيمي عام 1981م من جامعة ساجنا الحكومية في ولاية مشجان، وشهادة الماجستير في علم الاجتماع التنظيمي عام 1983م من جامعة ولاية مشجان المركزية، وشهادة الدكتوراه في علم الاجتماع التنظيمي تخصص تنظيم ومهن عام 1990م من جامعة ولاية مشجان الحكومية.