منذ أن بدأ برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي سنة 1425-1426هـ للطلبة الجامعيين وطلبة الماجستير والدكتوراه، بإشراف وزارة التعليم العالي، بدأنا نسمع من وقت لآخر وبفخر واعتزاز، وبهجة وسرور، عن حالات التفوق والإنجاز عند الطلبة السعوديين ذكورا وإناثا، في ميادين عدة، في الطب والهندسة والعلوم والحاسوب وغيرها، وفي جامعات متنوعة، وفي دول مختلفة من دول ما يعرف بالعالم المتقدم. فهناك من حصل على تفوق دراسي في أفضل عشر جامعات أمريكية بحسب التخصص، وهناك من حصل على تكريم وتقدير من طرف جهات رسمية جامعية وحكومية لقاء تميز وتفوق أكاديمي واجتماعي، وهناك من حصل على جوائز وميداليات في مسابقات علمية متقدمة، وهناك من سجل براءة اختراع لعمل ومنجز له قيمته التطبيقية.. إلى غير ذلك. هذا التفوق حصل ويحصل في جامعات عريقة لها سمعتها وشهرتها العلمية والأكاديمية، وفي عدد من دول الابتعاث، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وجامعاتها المعروفة، وفي بريطانيا وجامعتها العريقة، وهكذا في دول أخرى. ويعد هذا التفوق والإنجاز للطلبة السعوديين من أعظم مكاسب وإنجازات برنامج الابتعاث الخارجي، ولا بد من القول إن هذا التفوق والإنجاز عند طلبتنا السعوديين ما كان من الممكن أن يحصل بهذه الدرجة، وبهذه السعة، وبهذا التتابع، لو كان هؤلاء الطلبة في جامعاتنا المحلية، التي تنقصها كما يعلم الجميع البيئة المحفزة على الإبداع والإنجاز. ومن جانب آخر، فإن أهمية وقيمة هذا التفوق والإنجاز أنه حصل في جامعات غير جامعاتنا، وفي جامعات أجنبية بشكل خاص، أوروبية وأمريكية، جامعات معروفة وموصوفة بالتقدم، وذلك من جهة لكي يكتسب هذا التفوق والإنجاز قدرا من الاعتبار العلمي والأكاديمي، لأن حسابات التفوق والإنجاز في الجامعات الموصوفة بالتقدم، هي غير حسابات التفوق في الجامعات غير المتقدمة. ومن جهة ثانية، أن يظهر هذا التفوق والإنجاز عند الطلبة السعوديين على غيرهم في جامعات أوروبية وأمريكية، له صورة بالتأكيد تختلف كليا من أن يكون هذا التفوق من سعوديين على سعوديين. ومن جهة ثالثة، أن شهادة الآخرين أوروبيين وأمريكيين بتفوق طلبتنا لن تكون مجروحة عندنا وعند غيرنا، كشهادتنا نحن على أنفسنا. يضاف إلى ذلك، كان من المهم جدا أن يتعرف العالم وجامعات العالم تحديدا، على حالة التفوق والإنجاز عند الطلبة السعوديين، وفي أمريكا وجامعتها بشكل خاص، لأجل تغيير الصورة المشوهة عن المواطن السعودي، والتي تضررت كثيرا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر2001م. وما أود لفت الانتباه إليه في هذا الجانب، هو ضرورة أن تلتفت وزارة التعليم العالي لهذه الشريحة من الطلبة أصحاب التفوق والإنجاز، وتبادلهم الاهتمام بدرجة عالية تظهر فيه التقدير العالي والرفيع لهم، ومن الناحيتين المعنوية والمادية، حاضرا ومستقبلا، وذلك من خلال وضع قاعدة معلومات وبيانات عن هذه الشريحة المتفوقة، والتواصل الفعال والمستمر معهم، ليس فقط إلى مرحلة التخرج، وإنما إلى ما بعد التخرج، بفتح فرص التوظيف لهم ووضعهم في المكان اللائق والمناسب لهم، والتعامل معهم بوصفهم يمثلون ثروة الوطن الحقيقية. almilad@almilad.org