لا أعتقد أنه من الصعب على أي (فاهم) في كرة القدم أن يحدد متطلبات صناعة فريق بطل. المنافسات التي لا حصر لها على المستويين المحلي والعالمي والتغطية المكثفة لهذه المسابقات عبر وسائل الإعلام المختلفة (مقروءة، مسموعة ومرئية).. كل هذا الحراك الثقافي الرياضي يؤكد لكل متابع أن توليفة الفريق التي يحددها المدرب تحتاج إلى عناصر ذات قيمة عالية على المستويين المهاري والبدني والفكري. وتبدو عملية التكامل بين تلك الجوانب الثلاثة نسبية، بمعنى أن جانباً قد يكون أكثر فاعلية من غيره، وقد يسهم في تعويض النقص الموجود في الجوانب الأخرى بشرط ألا يتجاوز النقص الحد الأدنى الافتراضي لأداء المهام المطلوبة في المركز الذي يشغله اللاعب. ويبقى الذكاء أو الفكر الكروي العامل الأكثر تأثيراً في صناعة الفارق عندما تتساوى القدرات البدنية والمهارية لدى لاعبي الفريقين.. خذ مثلاً لو أن لاعباً يتمتع بقدرات بدنية ومهارية عالية، لكنه يعاني من انخفاض في مستوى التفكير الذي يقوده إلى اتخاذ القرار المناسب في التعامل مع الكرة أو بشكل شامل في التعامل مع متغيرات اللعب.. هذا النقص لا شك يسهم في تغييب تلك القدرات العالية لديه على المستويين البدني والمهاري أو ربما يوجههما بطريقة لا تخدم أهداف الفريق.. وكم غابت فرق عريقة أزمنة طويلة عن البطولات بسبب افتقار كثير من لاعبيها إلى الفكر الكروي الخلاق، ولم يجد معها إحضار أفضل الأجهزة الفنية والادارية والطبية. إن من يدرس الجوانب النفسية والسلوكية للإنسان يستطيع أن يفهم علاقتها الوثيقة بالإنتاجية والإبداع. ما أحب أن أؤكد عليه من خلال هذه السطور المختزلة هو أننا بحاجة إلى استحضار النظرة الشاملة عند استقطاب المواهب.. بل والأبعد من ذلك تأسيس متطلبات التفوق في الأداء والتي لا يمكن أن تقتصر على المهارة الأساسية للعبة.. نعم لا يكفي أن يكون لاعب كرة القدم (حريف) لينجح.. إن هذه (المدورة) تطالب بالكثير من القدرات البدنية والمهارية والفكرية.. يفهمها من زاولها ووقع في حبها.. إنها لعبة جماعية تحتاج إلى إدراك لقيمة العمل الجماعي وقدرة على تنسيق العمل بين اللاعبين وإدراك اللاعب لقدراته وقدرات زملائه في الفريق.. وتفهم للمشاعر التي تزيد من درجة التفاهم.. وصولاً إلى تلك المحبة المتبادلة لزيادة الانسجام واستثمار الطاقات إلى أعلى حد ممكن.