للصورة الفوتوغرافية أهمية عند الباحثين والدارسين في التاريخ، كما أن الصور القديمة تعتبر بمثابة الذاكرة الوطنية لكل دولة من الدول ولذا تحرص الجهات الرسمية على اقتنائها والاهتمام بها لأنها شاهد عيان حقيقي على التاريخ ووثيقة صادقة حية للأحوال بعيداً عن كل التأويلات والتفسيرات المكتوبة. ويتفق المؤرخون على أن قيمة الصورة تزداد أهمية عندما تنعدم الوثائق المكتوبة أو الروايات الشفوية المعاصرة للحدث التاريخي، وبالنسبة لشبه الجزيرة العربية فقد بقيت بمعزل عن التصوير عن التصوير الفوتوغرافي حيث إن الرحالة والمستكشفين الأوائل الذين دخلوها مثل ريتشارد بيرتون أو تشارلز ديدييه أو والين وكذلك بلجريف وغوارماني وبيلي وداوتي وبلنت وهوبر والبارون نولده لم يكن أيا منهم يحمل آلة تصوير فوتوغرافي على الرغم من اختراع آل التصوير في أوروبا في عام 1257ه/ 1841م تقريباً. ولذا فحين يعرض عليك صورة لأي شخص توفي قبل هذا التاريخ فهي صورة مزيفة ولا ينبغي تصديقها أو الترويج لها وأعجب العجب أن يتم تداول صور في وسائل التواصل الاجتماعي على أنها للشيخ محمد بن عبدالوهاب أو الإمام محمد بن سعود وتجد من يصدقها!! ويشير وليام فيسي وجيليان غرانت في كتابهما (المملكة العربية السعودية في عيون أوائل المصورين) الذي أعادت طبعة الأمانة العامة للاحتفال بمئوية التأسيس في 1419ه إلى أن أول صورة للمملكة العربية السعودية جرى التقاطها في عام 1277ه/1861م عندما نزل العقيد المصري محمد صادق إلى بر ميناء الوجه الواقع على البحر الأحمر في الساحل الشمالي للحجاز بل إن هذا الضابط التقط بآلته التي يحملها أول صورة للمسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة كما يظن وقد عاد العقيد محمد صادق بآلة التصوير بعد أكثر من عشرين سنة وتحديداً في عام 1298ه/1880م فصور المسجد الحرام والمشاعر المقدسة. وفي حين ظهر أول مصور أوروبي في الحجاز في عام 1302ه/1884م وهو المستشرق الهولندي كريستيان سنوك هورخرونيه وسرعان ما تبعه مصورون آخرون، فكان من الطبيعي أن يكون الحجاز أول مناطق المملكة التي جذبت انتباه المصورين بحكم وجود الأماكن المقدسة فيه. وكان لآلة التصوير في أيام نشأة الدولة السعودية الثالثة على يد الملك عبدالعزيز وخلال الحرب العالمية الأولى حضور سجلت فيه العديد من صور الشخصيات والمعالم والمواقف المتصلة بالمملكة العربية السعودية في حين لم يتم التقاط أي صورة من وسط نجد إلا في عام 1331ه/1912م عن طريق الدانماركي باركلي رونكيار والبريطاني جيرارد ليتشمان ثم وليام شكسبير في عام 1333ه/1914م ثم جون فيلبي في عام 13361337ه / 19171918م وظلت اللقطة التي التقطها شكسبير عام 1329ه/1911م لجيش الملك عبدالعزيز في ثاج في المنطقة الشرقية من أشهر الصور الفوتوغرافية لهذا الجيش. ولا ننسى صور المكتشفين الأمريكيين للنفط السعودي أو مصوري شركة أرامكو أمثال الجيولوجي ماكس ستاينيكي وفلويد أوليغار وجو ماونتين وإيلو باتيجلي و تي إف والترز الذين التقطوا صورا ممتازة ليس للمنطقة الشرقية وحدها بل للرياض وجدة والطائف ومناطق نجد والحجاز الأخرى أيضاً. ومن أبرز الزوار الذين قاموا بالتصوير في مدينة الرياض أمين الريحاني 1341ه ومحمد أسد 1348ه وجيرالد دي غاوري وأندرو رايان وريدار بولارد وجورج ريندل وهارولد ديكسون . وأخيراً فهذه الآلة الصغيرة التي حملها الرحالة والمستكشفون الأوائل أوجدت مصدراً مهماً في عملية الكتابة التاريخية والتوثيق الحضاري وربما حفظ جزئيات مندثرة كما لم يحفظها غيره .