وإذا كانت الأماني التي سقتها في الحلقة الأولى في مقالي أمس دارت حول ثقافة الفرح والاحتفال فإن رؤيتي لما سيكون عليه حالنا خلال عيدنا في عام ١٤٤٥هـ لا يقتصر على ذلك بل يشمل تطلعات تنموية وإصلاحية حيث سنكون حينها قد حققنا تقدما جيدا في تنويع مصادر دخلنا الوطني، ووفقنا في تصدر دول العالم في جذب الاستثمارات الأجنبية (الفعلية)، وخففنا من اعتماد ميزانيتنا على دخل البترول بنسبة ٢٠ % على الأقل، كما سنكون قد نجحنا في تقنين الدعم الحكومي لأسعار السلع والخدمات الأساسية ليصبح للفئات المحتاجة فقط، وزدنا مخصصات مستحقي الضمان الاجتماعي، ووضعنا حدا أدنى لرواتب المتقاعدين يضمن لهم حياة كريمة في شيخوختهم ويراعي معدل التضخم، وأطلقنا صندوق دعم معاشاتهم. ومن المؤمل أن نكون في ذلك العام قد بدأنا في جني ثمار عوائد استثمارية جيدة من صندوقنا السيادي الذي سيكون حينها أحد أفضل الصناديق من نوعه دوليا وأعلاها ربحية، مع قيام الصندوق بامتلاك حصص ملائمة في كبريات الشركات الدولية العملاقة المتعددة الأغراض التي ستسهم في توطين التقنية لا سيما تلك التي تتخصص في صناعة المعرفة وأحدث المنتجات الصناعية والتحويلية التي تزيد من القيمة المضافة لثرواتنا، وتحد من الاستيراد المحموم حاليا؛ كما سنقوم حينها بتصدير الفائض من إنتاجنا الصناعي والغذائي لمختلف دول العالم وبشتى العملات الرئيسية الأمر الذي سيؤدي لتقليل اعتمادنا على الغير وتخفيض مخاطر استثمارتنا وزيادة عوائدها. ولأن طموحاتي لا حدود لها، فإنني أرى عيدنا في ذلك العام وقد رفعنا فيه ناتجنا الإجمالي القومي إلى الضعف، وزدنا معدل الدخل السنوي للمواطن، واتفقنا على وضع تعريف وطني واقعي لحد الكفاية، وأكملنا تطبيقات الحكومة الإلكترونية في كافة المعاملات، وحققنا الاكتفاء الذاتي في إنتاج السلع الغذائية الاستراتيجية، واستغنينا فيه عن ٥٠ % على الأقل من العمالة الوافدة بعد أن نكون قد نجحنا في توطين وظائفهم بالأيادي الوطنية التي تخرجت من جامعاتنا التي ستكون حينها قد شغلت ترتيبا متقدما في التصنيفات الدولية الموثوقة للجامعات، مع استمرار برنامج الابتعاث الخارجي. ولن يقتصر الأمر على ذلك بل سنكون وقتها قد افتتحنا الآلاف من الكليات والمعاهد الفنية والمهنية التي ستكون حينها قادرة على رفد البلاد باحتياجاتها من العمالة الفنية في مصانعنا ومستشفياتنا ومناطقنا الصناعية ومدننا الاقتصادية، أيضا فإننا في عام ١٤٤٥هـ سنكون قد استكملنا برنامجنا الطموح لتطوير التعليم العام على نحو يضعنا في مصاف الدول المتقدمة علميا مع قدرة جامعاتنا على الحد من العلوم النظرية التي ليس لخريجيها نصيب يذكر في سوق العمل، وتحقيقنا للاكتفاء الذاتي من التخصصات العلمية التي نعاني نقصا كبيرا منها حاليا. ولن تكتمل هذه الصورة المستقبلية المشرقة لعيدنا في عام ١٤٤٥هـ بدون أن نكون حينها قد نجحنا في توفير السكن الملائم للمواطنين بدءا بذوي الدخل المحدود بعد انتهاء (سرا) صندوق التنمية العقاري الذي سيتم تحويله إلى (بنك الإسكان الوطني)، وتطوير المنظومة الصحية بإقامة المزيد من المستشفيات التخصصية والمرجعية والعامة في كافة المدن، وتطبيق التأمين الطبي على جميع المواطنين، كما سنكون حينها قد نجحنا في محاصرة الفساد، وأكملنا البنية التشريعية بصدور الكثير من الأنظمة الجديدة بما في ذلك مكافحة التحرش وتجريم العنصرية، وتحديث العديد من الأنظمة القديمة، مع اعتماد التشهير كأحد عقوبات كبار الفاسدين وحملة الشهادات المزورة. راجيا بأن نكون وقتها قد فرغنا من إقامة جميع مشاريع البنية التحتية المتعثرة حاليا، وقضينا على تأخر تنفيذ المشروعات الجديدة، وسيطرنا على مسببات التضخم، وأنهينا احتكار الكثير من السلع والخدمات، ونجحنا في كبح جماح ارتفاع الأسعار، مع تحقيق المزيد من التطوير على منظومة الحماية الاجتماعية، ومنح المزيد من التمكين للنساء. هل هذا كثير؟.. في تقديري فإن أمنياتي وطموحاتكم ليست كثيرة ولا مستحيلة بل هي ممكنة جدا وربما نتمكن من تحقيق أكثر منها - بإذن الله - بدون انتظارنا حتى عام ١٤٤٥هـ لاسيما مع توفر كل من الإرادة الفاعلة، والإدارة الجيدة، والموارد الاستثنائية التي أفاءها الله على بلادنا في عهد وجه الخير خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله- ؛ كل عام ونحن وهذا الكيان الكبير المتماسك بخير وأمن واستقرار في ظل قيادتنا الرشيدة.