تتميز احتفالات ومهرجانات عيد الفطر لهذا العام بتركيزها على التراث من خلال إقامة عدد من الفعاليات في المواقع التراثية المنتشرة في مختلف مناطق المملكة، حتى صار التراث عنوانا لأعياد الفطر لهذا العام. وسبق ذلك إقامة عدد من فعاليات احتفالات أهالي المحافظات والمراكز هذا العام في البلدات التراثية، ما يعد علامة مهمة للتحول الإيجابي في المجتمع ليس فقط في حماية التراث العمراني، بل في الاعتزاز به وتشغيله، ولو موسميا. ففي رياض الخبراء في منطقة القصيم تشهد البلدة التراثية احتفالات العيد هذا العام، وذلك بعد اكتمال مراحل من ترميم القرية التراثية ضمن المشروع الذي تنفذه بلدية رياض الخبراء بالتعاون مع الهيئة العامة للسياحة والآثار. ويعتزم أهالي مركز الجنوبية في محافظة سدير الاحتفال في بلدتهم التراثية وافتتاح قصر الملتقى في المركز ثاني أيام العيد، حيث سيجتمع أهالي المركز من كافة أنحاء المملكة للاحتفال بذكرياتهم في المباني الطينية التراثية. وفي جازان جهزت أمانة منطقة جازان القرية التراثية في الكورنيش الجنوبي لإقامة احتفالات العيد، التي ستشمل رقصات وألعابا تراثية وعروضا للحرف اليدوية. ويخصص مهرجان صيف القريات فعاليات تراثية مثل البناء بالطين وبناء الحجر وصناعة الملح وصناعة الخوص وغيرها، كما يشهد قصر الإمارة التاريخي في نجران كالمعتاد جانبا من احتفالات المنطقة بالعيد. وفي أشيقر، تقيم اللجنة المنظمة للاحتفالات في مدينة أشيقر الحفل السنوي لعيد الفطر المبارك لعام 1435 مساء أول أيام العيد في القرية التراثية. وتسهم القرية التراثية في أشيقر التي تعد إحدى أفضل القرى التراثية وأكثرها جاهزية في المملكة في نجاح المهرجانات والاحتفالات واستقطاب الزوار لها، خاصة أن القرية تحوي كثيرا من الخدمات السياحية مثل المتاحف والمتاجر والمطاعم التراثية. ألوان تراثية تزين صغيرة في إحدى القرى.«الاقتصادية» وتشهد ثمانية مواقع في مدينة الرياض خلال أيام عيد الفطر المبارك عديدا من الفعاليات الشعبية، ضمن برنامج احتفالات العيد لأمانة منطقة الرياض، تتنوع ما بين عروض فلكلورية وخيام ومعارض شعبية وغيرها من الفعاليات المحببة لعشاق التراث. ومن هذه المواقع ساحة "المصمك" التي ستشهد مجموعة من أشهر قصائد العرضة السعودية، تقوم بأدائها فرقة الدرعية، حيث تم تجهيز منطقة لجلوس الأفراد تتسع لـ 2450 شخصاً لمشاهدة العرضة السعودية. ويشهد مركز الملك عبد العزيز التاريخي إقامة عديد من الفعاليات التي تناسب العائلة في الخيمة الشعبية في ميدان المربع وتشتمل على عديد من الفقرات الشعبية والتراثية والأدبية بمشاركة عدد من الشعراء المعروفين وفرق شعبية تقدم أنواعاً من الفلكلور. وتحتضن ساحة قصر الحكم في مدينة الرياض هذا العام كما الأعوام الماضية احتفالات وفعاليات العيد. حيث سيقام في ميدان العدل معرض للعرضة السعودية، يضم مجموعة من الصور التاريخية للعرضة وأشهر القصائد. وتعد ساحة قصر الحكم الساحة التاريخية الرئيسية في مدينة الرياض، حيث تحتضن عددا من المعالم التراثية والتاريخية مثل قصر الحكم ومتحف المصمك وسوق الزل وساعة الصفاة، وكانت تقام فيها الاحتفالات الرئيسية في بدايات الدولة السعودية. وتعد إقامة الاحتفالات في الساحات التاريخية الرئيسية تقليدا تنتهجه أهم مدن العالم خاصة المدن الأوربية، بهدف إحياء الموروث التاريخي للمدينة والتعريف بأحيائها التاريخية، ولربط المواطنين والزوار بتاريخ مدنهم ودولهم. وتشهد المدينة المنورة فعالية "أضواء المدينة المنورة" التي انطلقت في العشر الأواخر من الشهر الكريم وتستمر حتى العاشر من شوال، وتشمل إنارة المباني التاريخية والحكومية والمساجد، إضافة إلى الحدائق المجاورة في الحي التراثي، وذلك لما تمثله من ارتباط وثيق بأهالي المدينة وزائريها. وسيقام حفل العيد الرئيسي في المدينة المنورة الذي سيرعاه أمير المنطقة أول أيام العيد، في الحي التراثي المديني، كما ستقام فعاليات في المسرح المديني المكشوف والمسرح الداخلي وصالات التعليم في الترفيه وشارع العينية أحد أبرز الشوارع التراثية التي كانت تقع على الجهة الغربية من المسجد النبوي قبل أكثر من ثلاثة عقود التي تعد أهم أسواق المدينة المنورة، إضافة إلى الأكلات الشعبية في المدينة المنورة، مع تقديم ألوان وصور اجتماعية للحياة في الماضي، كما ستشهد ساحات الحي التراثي عروضاً شعبية وتراثية وفلكلورية. وفي المنطقة الشرقية تقام فعاليات تراثية ضمن احتفالات العيد في قرية التراثية "حارة بلدنا" في الواجهة البحرية في الدمام وتستمر حتى خامس أيام العيد. وقد شهدت المواقع الأثرية والتراثية في مختلف مناطق المملكة خلال العام الماضي 1434هـ إقامة أكثر من 66 فعالية سياحية تحت إشراف ورعاية الهيئة العامة للسياحة والآثار وفروعها تنوعت ما بين ترفيهية وثقافية واجتماعية وتراثية ورياضية، وأنشطة تناسب كافة شرائح المجتمع. ومثّلت هذه الفعاليات فرصاً استثمارية تحققت من خلالها منافع ثقافية واقتصادية واجتماعية انعكست على جميع الأفراد والمؤسسات بصورة مباشرة وغير مباشرة، حيث أُتيح توظيف هذه المواقع كأسواق شعبية ومطاعم لإعداد وتقديم الأكلات الشعبية ومعامل للرسم والفنون التشكيلية وأماكن لمزاولة الأعمال الحرفية للحرفيين بما أكسب أعمالهم عبقا تراثيا وشكلا تكامليا بين الحرفي والمكان الذي تتم فيه صناعة المنتجات الحرفية، إضافة إلى أنشطة أخرى كتخصيص أماكن في هذه المواقع كمراكز وصالات للقراءة ومزاولة بعض الهوايات الخفيفة، سواء أكانت رياضية أو غيرها، وتهيئة بعض مواقع التراث العمراني وتوظيفها مسارح مكشوفة أو مغلقة يتم فيها عرض الفعاليات المنبرية كالمحاضرات الدينية والثقافية والعلمية. وكان الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار قد وجه بضرورة إقامة الفعاليات على مواقع أثرية وتراثية، عملاً على الربط بين قطاع السياحة وقطاعات الآثار والتراث العمراني بتنظيم الفعاليات السياحية والاستفادة من المواقع الأثرية ومواقع التراث العمراني لإقامة فعاليات سنوية منتظمة، تحقق التوظيف الأمثل لها، وتربط المواطن بتاريخه وحضارته وأرضه التي يعيش عليها.