أنعش مهرجان بيشة الأول للتمور اقتصاديات المنطقة عبر جذب المستثمرين لاسيما وهو يقدم 100 ألف طن من أجود أنواع التمور التي تنتجها أكثر من ثلاثة ملايين نخلة. محافظ بيشة المشرف العام على المهرجان الأول للتمور محمد بن سعود المتحمي أكد أن المهرجان سجل إيرادات بلغت أكثر من 17 مليون ريال كقيمة أولية لإنتاج بيشة من التمور -حسب إحصائيات اللجنة المنظمة- مفيداً أن آلاف الأطنان من التمور لم ترد إلى السوق ولم يتم عرضها من قبل المزارعين. وبين أن اللجنة المنظمة رصدت أكثر من 1400 سيارة يومياً تعرض من خلالها أنواع متعددة من الإنتاج المحلي لمحافظة بيشة، مشيراً إلى أن كثرة العرض لم تقلل من القيمة الشرائية للمنتج الذي تفاوتت أسعاره ما بين 15 20 ريالاً للكيلو، إضافةً إلى الجودة العالية التي يتمتع بها الإنتاج. وأوضح أن الطلب يتزايد يومياً على ما تنتجه المحافظة من التمور، حتى تجاوز الطلب النطاق المحلي وتجاوزه إلى دول الخليج العربي وبعض البلدان العربية. وأكد المتحمي أن المصنع الوحيد الحالي في بيشة لا يغطي احتياجات المزارعين والمنتجين، للمساهمة في خدمة المزارع والإنتاج في المحافظة مطالباً رجال الأعمال بدعم مصانع التمور في بيشة. وأوضح المدير التنفيذي لمهرجان بيشة للتمور مدير فرع وزارة الزراعة المهندس سالم القرني أن أكثر من 140 مليون متر مكعب من المياه المعالجة ثلاثياً ستسهم في ازدياد أعداد النخيل ببيشة في الأعوام القادمة، كما تسهم في زراعة أكثر من 300 ألف نخلة تحت إشراف مديرية الزراعة، مستشهداً بمتنزه بيشة الوطني المتوقع له أن يكون من أكبر وأضخم مشروعات الزراعة في المنطقة الجنوبية. وعد القرني منتج الصفري في بيشة أفضل وأهم المنتجات المطلوبة في العالم، والذي يشكل ما نسبته 90% من إنتاج التمور بالمحافظة، حيث تراوحت الكميات المسوقة منه ما بين 3000 إلى 4000 طن لمدة ثلاثة أشهر، لافتاً النظر إلى أن بيشة تنتج سنوياً أكثر من 50 ألف طن، بالإضافة إلى المنتجات الأخرى كالفواكه والعنب والليمون، ولم يقتصر إنتاجها على التمور فحسب، بل تنوعت منتجاتها لتصبح من أهم المدن الزراعية في المملكة. من جانبه بين رئيس بلدية بيشة المهندس محمد آل بشر أن بلدية بيشة وقعت عقداً مع إحدى الشركات العالمية بتكلفة تجاوزت 8 ملايين ريال، لإنشاء سوق بيشة للتمور يحتوي على عدد من المحلات التجارية والمراكز التسويقية ومسجد ودورات مياه ومطاعم واستراحات، بالإضافة إلى خيمة خاصة للاحتفالات، مضيفاً أنه سيكون بجانب سوق التمور سوق آخر للمنتجات المحلية مثل الخضار والفواكه والمنتجات الزراعية الأخرى. وأشار الكاتب والباحث تركي عسيري إلى أن ارتباط العرب بالنخيل منذ آلاف السنين كان أبرز وأهم ما رصده التاريخ، لاسيما وأنها تتوزع على مساحات كبيرة في الجزيرة العربية، حيث ارتبط منتجها بالسيرة النبوية، وذُكر التمر في مواضع متعددة في القرآن الكريم، ليؤكد التشريع أهمية إخراج الزكاة منها باعتبارها ثروة اقتصادية مهمة. وأضاف: "لا يمكن أن تجد قصيدةً أو رواية أو بحثاً في الأدب العربي إلا وتجد النخلة إحدى أهم عناصره، وارتباطها الإنساني بحياة أمة". أما عضو هيئة التدريس في جامعة الملك خالد الدكتور يحيى عبدالعظيم وصف بيشة بعبقرية الزمان والمكان معاً، فيها الحضارة والزراعة التي تجسد المدنية الماضية والحاضرة، مستذكراً جرير بن عبدالله البجلي عند وصفه بيشة لرسول الله صلى الله عليه وسلم عندما أحسن وصفها، فكان النخل والأراك والحموض والسلم أجمل ما تميزت به بيشة في ذلك الوقت. وعدّت "أم ناصر" ذات ال60 عامًا، وهي إحدى النساء اللواتي يعملن في تجارة التمور وإنتاجها أن بيشة من الأراضي الخصبة للزراعة خصوصاً وأنها ارتبطت بواديها الشهير، وتنوع تضاريسها، موضحةً أن التمور هي غذاء رئيس إلى جانب البر والحليب في السابق، مؤكدة أن أبناء بيشة كانوا يحتفظون به ويخزنونه لعام كامل، وما زاد عن حاجتهم يتاجرون به ويسوقونه في المناطق القريبة من بيشة، مشيرة إلى أن مكة المكرمة وخاصة في مواسم الحج والعمرة تعدّ من أهم المراكز التسويقية لهذا المنتج في ذلك الوقت، مؤكدة أن النخلة ترتبط اجتماعياً بحياة أهالي بيشة، فهي مصدر رزق وعطاء.