تمر عليك الأيام والسنون وأنت تسير في هذه الحياة بين الطموح والتراجع، بين الأمل والإحباط، بين الجدية والعمل المتواصل، وبين الخمول والكسل والتراخي، لكن في داخلك ذلك الطفل الذي يبحث عن الأصدقاء الصدوقين لكي يأنس بهم ويضحك من قلبه معهم. وأحيانا تتوقف قليلاً أمام نفسك متسائلاً كيف تكون مصدر سعادة للآخرين؟ ثم كيف تحمَل نفسك فوق طاقتها لكي ترضيهم وتكسب ودهم وبالمقابل لا تجد منهم إلا سوء المعاملة وعدم التقدير فهل يكون ذلك مقبولاً؟ وينتهي بك الأمر بأن تركن لداخلك وتعود إلى نفسك متألماً حزيناً وحيداً، بينما ترى البعض يستغل طيبتك وكرمك ونبلك ويظهر متباهياً لا يهمه أمرك ولا يتعاطف مع ظروفك ولا يلقي بالاً لآلامك وأحزانك. وحتى عندما تكون في أسوأ حالاتك وجاؤك بذاك الوجه المقنع المتلون والابتسامة الصفراء المرتبطة بتحقيق ما يريدون، فتفتح قلبك لهم وتحمل نفسك فوق طاقتها وتستمع بإنصات وهدوء ثم تعمل جاهداً وصادقاً من كل قلبك من أجل حل معظلاتهم وإعطائهم النصيحة الصادقة والمشورة المطلوبة وما أن ينتهي موضوعهم وتنحل مشكلاتهم ويخرجون من المأزق الكبير الذي مروا به، حتى تجد القطيعة والهجران والنسيان، بل وربما الاستغفال والكذب والنميمة والجحود والنكران. وهنا تتساءل ماذا أنت فاعل مع هذه النوعية من البشر؟ الإجابة هي أن في داخلك نفس شامخة وصادقة ونبيلة روضتها على فعل الخير والعمل بالمعروف، ولن يغيرك الزمن ولا المحن ولا المواقف المتخاذلة لأن هذا هو منهجك وهذه هي أخلاقك وهذه هي قيمك، وهم بتنفعهم ووصوليتهم وأساليبهم الملتوية سيخسرون إنساناً عرفوه وجربوه وستبدي لهم الأيام صدق ما عاملتهم به وسيأتون إليك نادمين متراجعين معتذرين لأنهم أدركوا كم هم على ضلال وكم هم على خطأ وأنك واضح في تعاملك وأسلوبك وعندها لن يكون هذا الشقاء والألم الذي تشعر به أحياناً سوى سحابة صيف يعقبها فأل جميل وسعادة دائمة ورقي إلى الأعلى بإذن الله في الدنيا وفي الآخرة.