×
محافظة مكة المكرمة

منافسات السيارات والدراجات المعدلة تزين جدة ضمن فعاليات مهرجان عيدكم عيدنا

صورة الخبر

ما هي الأسباب الحقيقية وراء الانهيار الأمني الذي أدى إلى انفجار النزاع بين «حماس» وإسرائيل للمرة الثالثة منذ صِدام 2008؟ يُستَدَل من مراجعة الحقبة السابقة، التي قادت إلى المواجهة المسلحة، أن استقالة المبعوث الأميركي لعملية السلام مارتن انديك كانت المؤشر السياسي الأول على فشل وساطة الوزير الأميركي جون كيري. وأشار انديك في بيان استقالته إلى الجمود الحاصل في العملية التفاوضية (حزيران - يونيو 2014). وقد أيّده كيري في هذا الاستنتاج وأعلن أن الحكومة الإسرائيلية لم تفِ بالتزاماتها لجهة الإفراج عن السجناء الفلسطينيين وتجميد توسيع المستوطنات. المؤشر الثاني ظهر في مقررات مؤتمر «هرتسليا» الرابع عشر، وخطورة التوصيات التي حددها المشاركون. وهو المؤتمر الذي ضم أكثر من مئة شخصية سياسية وعسكرية وأكاديمية، حاولت تقويم الظروف الإقليمية والدولية، ومدى تأثيرها على مناعة إسرائيل وحصانة مؤسساتها. ومن أبرز تلك المقررات التي ساهمت في زيادة حدة التوتر بين قادة «حماس» وحكومة بنيامين نتنياهو، كانت الوقائع التالية: أولاً - خطاب مستشار الأمن القومي السابق يعقوب عميدرور، وفيه يحدد التهديدات الخطيرة التي تواجهها بلاده. وهي تشمل التهديد الإيراني. كما تشمل وجود خمسين ألف صاروخ من مختلف الأحجام موزعة بين «حزب الله» وفصائل «حماس» في قطاع غزة. واعترف أنها من النوع الذي يصل إلى أقصى مدينة في إسرائيل. وتطرق في خطابه أيضاً إلى النشاط الذي تقوم به وحدات مقاتلة في سيناء تنتمي إلى ثلاثة تنظيمات هي: «الإخوان المسلمون» و»داعش» و»القاعدة». ثانياً - رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، بيني غانتس، تحدث عن حالات عدم الاستقرار في غالبية بلدان الشرق الأوسط، الأمر الذي يفرض على الجيش الإسرائيلي التأهب لمقاومة الظروف الطارئة. وتطرق غانتس إلى احتمالات زعزعة السلام الاستراتيجي الذي أسسته إسرائيل مع مصر والأردن بسبب ضغوط حركات الجهاد الإسلامي التي انتشرت في العالم العربي، وراحت تهدد وحدة النسيج الوطني في العراق وسورية واليمن وليبيا. ودعا إلى تطوير علاقات بلاده مع الولايات المتحدة. ويُستَخلص من مجمل الخطب التي ألقيَت في مؤتمر «هرتسليا» أن لهجة الاستعداد لحرب مفاجئة كانت هي السمة الطاغية. وهذا ما يؤكد سيطرة جناح الصقور في الحكومة الإسرائيلية على الترسانة العسكرية التي شجعت القتال ضد «حماس»، ودفعت نتانياهو ويعلون إلى المجازفة بتكرار عملية «أعمدة الدخان» - 2012، و»الرصاص المسكوب» -2008. بعض المحللين يُرجع أسباب النزاع المباشرة إلى حادث خطف وقتل ثلاثة شبان إسرائيليين وإلى إحراق فتى فلسطيني لا يتجاوز عمره 16 سنة. وحقيقة الأمر أن إسرائيل باشرت عملية الاستفزاز عقب إعلان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس نهاية الانقسام، وتشكيل حكومة اتحاد وطني. وكان بهذا النبأ يعرب عن تفاؤله بولادة حكومة جديدة برئاسة رامي الحمد الله تضم خمسة وزراء من قطاع غزة. ووعد في كلمته بإجراء انتخابات قريبة بعد نجاح المصالحة بين «فتح» و»حماس.» وقد رحب بهذه الخطوة إسماعيل هنية، رئيس حكومة «حماس» في قطاع غزة. ولكن ولادة «حكومة التوافق» لم تنلْ رضا الوزير الأميركي جون كيري، الذي اتصل بالرئيس عباس ليعبّر له عن قلقه من مشاركة «حماس.» ومع تخوفه من ردود فعل إسرائيل، تمنى كيري أن يعمل عباس على تخفيف وقع هذا النبأ على نتانياهو، ويقنع خالد مشعل بضرورة الاعتراف بإسرائيل، واحترام الاتفاقيات الموقعة، ونبذ أساليب العنف. وكان من المنطقي أن يعترض أبو مازن على هذه الشروط التي تخالف المبادئ التي قامت عليها «حماس.» رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو انتقد بشدة «حكومة التوافق الوطني»، مؤكداً أن الوزارة المصغرة للشؤون الأمنية والسياسية ستجتمع لاتخاذ خطوات عقابية ضد السلطة الفلسطينية. ثم هاجم في كلمته دول الاتحاد الأوروبي لأنها صمتت عن «الإرهاب الإسلامي» الذي ارتكب جريمة في المتحف اليهودي في بروكسل... بينما رحبت بطريقة ودية بحكومة تشترك فيها المنظمة الإرهابية «حماس.» والملفت أن نتانياهو طلب من وزير الدفاع شن غارتين على قطاع غزة قبيل إعلان عباس عن تشكيل حكومة التوافق. وكان واضحاً من توقيت الهجوم الإسرائيلي على غزة أن نتانياهو قرر استخدام الضغط العسكري لشل قدرة «حماس» على مواصلة إطلاق الصواريخ. كما قرر، في الوقت ذاته، عزل المقاتلين عن مظلة السلطة الفلسطينية بحيث يتسنى له القيام بانسحاب سريع بعد أداء مهمة التفتيش والتنظيف. عقب المقاومة الصلبة التي أظهرها مقاتلو «حماس»، زادت القوات الإسرائيلية ضغوطها وحصارها لحي «الشجاعية» شرق مدينة غزة. وكانت النتيجة أن حصدت تلك المجزرة 95 فلسطينياً غالبيتهم من الأطفال. كذلك أعلنت وكالة إغاثة اللاجئين (أونروا) أن عدد المشردين الفلسطينيين، في مدارس الوكالة ومؤسساتها، فاق 81 ألف شخص. الرئيس محمود عباس هاجم مجلس الأمن في كلمة متلفزة، مطالباً الأسرة الدولية بضرورة وقف العدوان على قطاع غزة، وتوفير الحماية والأمن للأبرياء والمدنيين. وبعد جلسة طارئة، أصدر مجلس الأمن بياناً صحافياً دعا فيه الأطراف المعنية إلى تطبيق مقررات 2012، واعتماد المبادرة المصرية سبيلاً لوقف إطلاق النار. ولوحظ أن البيان تجاهل مجزرة «الشجاعية»، الأمر الذي أثار استياء ممثلي الدول العربية والإسلامية في الجمعية العامة. الرئيس الأميركي أوباما كشف، من خلال مكالمته الهاتفية مع نتانياهو، أن الحملة الإسرائيلية تسببت في مقتل جنديَيْن أميركيَيْن يحاربان في «لواء غولاني.» وكان قد اتصل به ليعزيه بمقتل 13 جندياً فقدهم هذا اللواء في معركة «الشجاعية.» وقد شكره على اهتمامه، وعلى منظومة «قبة الحديد» التي اشتركت وزارة الدفاع الأميركية في صنعها. وهي «القبة» المصنوعة لتفجير الصواريخ قبل الوصول إلى أهدافها. الصحف المعارِضة في إسرائيل بدأت هذا الأسبوع تكتب منتقدة أداء الحملة العسكرية التي صوّرت نتانياهو كسياسي مغامر وفاشل. ولمّحت في افتتاحياتها إلى احتمال انسحاب القوات أو تخفيف أعدادها، بعد الفظائع التي ارتكبتها بحق سكان غزة. كذلك تطرقت وسائل الإعلام الأميركية إلى الأذى الاقتصادي الذي سببته واشنطن بفرضها الحظر على الرحلات الجوية المتجهة إلى مطار بن غوريون. وكانت «حماس» قد اعترفت بضرب حدود المطار كإنذار بأنها قادرة على تدمير برج المراقبة ومدارج الإقلاع والهبوط، في حال استمرت إسرائيل في القتل والتدمير. وفي تحذير غير مسبوق وجهه رئيس «الموساد» إلى حكومة نتانياهو يُعلمها فيه بأن مفاعل ديمونا قد تعرض لقصف صاروخي مصدره قطاع غزة. وطلب في تحذيره تركيز قوة الردع الممثلة بـ «قبة الحديد» على النقب من أجل حماية هذا المفاعل. مساء الأربعاء الماضي، عقد خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لـ «حماس»، مؤتمراً صحافياً في الدوحة، تحدث فيه عن المرحلة الثانية من معركة النضال الطويل. وأكد أن الحركة لم تُهزَم بفضل صلابة أهل غزة وأن قدرة «حماس» العسكرية لم تُمتَحَن بعد. وكرر أمام الصحافيين الشروط المقبولة لاستئناف الحوار بالتالي: أولاً - الوقف الفوري للعدوان على غزة، براً وبحراً وجواً. ثانياً - فك الحصار الاقتصادي وضمان حرية الملاحة والصيد حتى 12 ميلاً بحرياً، وتشغيل ميناء غزة. ثالثاً - إلغاء جميع الإجراءات والعقوبات الجماعية في حق سكان الضفة الغربية، وإعادة الممتلكات الخاصة والعامة التي تمت مصادرتها. رابعاً - وقف سياسة الاعتقال الإداري المتكرر ورفع العقوبات عن الأسرى. خامساً - إعادة إعمار ما دمره العدوان المتكرر على قطاع غزة. وأنهى حديثه بالتجاوب مع طلب الدول التي تحدث باسمها أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون، والداعية إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية. وقال إن «حماس» وافقت على هذه الدعوة ولكن إسرائيل رفضت الالتزام بها. وكان من المُتفَق عليه بين جون كيري ونتانياهو أن يتحدث الوزير الأميركي عن الخطوات التي حققها في مجال الجهود الرامية إلى وقف إطلاق النار. ويبدو أن رئيس الحكومة الإسرائيلية لم يكن مقتنعاً بحصيلة تلك الإنجازات، بدليل أنه تراجع عن قرار عقد مؤتمر صحافي مشترك، واكتفى بالتقاط صورة المصافحة! التفسير الذي قدمه المحللون الإسرائيليون مرتبط بالموقف الاستراتيجي الذي اعتمده نتانياهو في مختلف المعارك السياسية والعسكرية التي خاضها. وهو الموقف الذي وضعه هنري كيسنجر أثناء الحرب ضد كمبوديا، وإصراره على التفاوض من أجل السلام على وقع القنابل. أي من موقع القوة بحيث يستطيع تحسين شروطه. وبما أن هذه الشروط لم تتوافر خلال الأيام الماضية، فقد اتهم نتانياهو المؤسسات الأمنية بأنها قدمت معلومات مضللة وخاطئة عن ترسانة «حماس» ومعنويات الشعب الفلسطيني في غزة. ومن المتوقع أن يجري مناقلات شاملة في حال تحولت الحرب إلى ورطة سياسية. والمعروف عن نتانياهو أنه تبنى فكرة مقاومة الإرهاب منذ مقتل شقيقه الأكبر في عملية عنتيبي. ثم طوّر هذه الفكرة، وحولها إلى مؤسسة دائمة في الولايات المتحدة تحمل اسمه. وقد أصدر أول كتاب عنها سنة 2003 بعنوان: كيف تحارب الدول الديموقراطية الإرهاب العالمي؟ وتتوقع واشنطن المزيد من القرارات المتهورة التي يتخذها نتانياهو في سبيل إنقاذ سمعته السياسية. خصوصاً أن خالد مشعل لا يستطيع التنازل عن شروطه المكتوبة بدماء أكثر من سبعمئة شهيد وآلاف الجرحى. وأذكر في هذا السياق أنني كتبت عن آخر لقاء تم بين صدام حسين وياسر عرفات. وذكرت في المقالة أن صدام انتقد تراجع أبو عمار في بعض الأمور المبدئية. وقال له أثناء النقاش: يا أبو عمار، أخشى على القضية الفلسطينية من الذوبان لكثرة ما استعملتها الأنظمة العربية. لقد أصبحت تلك «الصابونة» الكبيرة المعطرة... بَرْوَة صغيرة. بعد صدور المقالة، اتصل بي من دمشق خالد مشعل، ليؤكد أن هذه القضية ستظل في حجمها الطبيعي، وأن الفلسطينيين