نطبق الاحتراف ونقره ولا نتجاوز حدود نظاميته على الورق، أقول على الورق، أما على واقع التجربة فتجربة هذا الاحتراف لم تجلب لنا سوى المأساة فلا هي أفكارنا معه تألقت ولا هي مخرجات العمل قدمت الإضافة لأنديتنا ونجومنا ومنتخباتنا وإنما العكس فهؤلاء جميعا هم فيه ومعه من (جرف إلى دحديرة). ـ هل أوجد لنا الاحتراف مهاجما فذا كماجد عبدالله أو هدافا كسامي الجابر أو صانعا ماهرا كالثنيان يوسف أو مدافعا عملاقا كأحمد جميل أو حارسا يذود عن شباك مرماه ببراعة الدعيع؟ ـ سؤال أجزم على أهمية طرحه، كما أجزم بأنه يحمل في طياته قبل أجوبته كل الحقائق عن كرتنا واحترافنا .. عن حاضرنا ومستقبلنا وعن تلك الفترة الزمنية التي طويت صفحاتها في حزمة التاريخ وأعني بها فترة (الهواية) حيث كانت فيها الكرة السعودية أكثر تألقا وأكثر تسيدا ومنتجة بالمنجزات والألقاب التي غابت مع ولادة هذا الاحتراف المعاق. ـ تحدثنا طويلا عن واقع رياضتنا لكننا برغم طول الحديث المتداول لم نصل بعد إلى الرؤية العميقة التي تستهدف النهوض باللاعب والنادي والمنتخب والسبب في ذلك يكمن في أن من يتولون مهمة البحث والنقاش هم مجرد (منظرين) تفرزهم لحظة الإخفاق الوقتي ليكرروا أفكار من سبقوهم، ما عداهم فلا وجود لهم، غابوا وغاب معهم الفكر النير والمقترح الجيد والتخطيط المقنع. ـ بالطبع ليست مشكلتنا في الاحتراف كنظام كما أن تميزنا في السابق ليس في الهواية والهواة وإنما في طبيعة وطريقة وأسلوب التعريف بكرة القدم ومهنتها وثقافتها وفيما نقدمه للاعب فنحن كعادتنا لا نعترف بأنصاف الحلول نبالغ في كل شيء بما في ذلك قراراتنا الرياضية المصيرية جميعها تأتي على سياق (التهور) ولعل ما أوصل اللاعب السعودي اليوم ليكون مادياً ووقتياً ليس إلا شهادة الإثبات على ما نعانيه. ـ لسنا في الواقع محترفين بالمفهوم الصحيح للاحتراف وإنما مجتهدون فيه نحاول ونكرر المحاولة ونسير ولكن بخطوة السلحفاة .. من حولنا يتطور ونحن على النقيض نتأخر وبالتالي ومن أجل أن يتعدل هذا الواقع المرير لكرتنا من المهم صناعة الاحتراف (الأصلي) وليس (التقليد) أعني احتراف (التطبيق) لا احتراف (النظرية والتنظير) على اعتبار أن هذا الأخير ساهم مساهمة فاعلة في (انحدار) مستوى الكرة السعودية طيلة العقدين الماضيين. ـ أكبر دليل يؤكد إفلاس احترافنا الحالي هو أننا نتذكر ماجد وسامي والثنيان والمسعد وجميل وأغلبية جيل الهواة أكثر من هؤلاء المحترفين الذين سرعان ما سهونا عن أسمائهم وجهلناها لكونهم مجرد (فقاقيع صابون) تلاشت مع الريح.. وسلامتكم.