يتفنن المتسولون في الوصول إلى جيوب المحسنين بعدة طرق غير تقليدية، منها ادعاء العاهات المستديمة أو سرد واقع مؤلم يعيشونه في سبيل استعطاف الميسورين وأخذ ما لديهم بغير حق، وتبلغ ذروة ظاهرة التسول خلال الشهر الفضيل، إذ يتزايد عدد المتسولين ويحاولون كسب عطف الناس بأساليبهم، وأبرزها ترديد الدعاء. وينشطون عند الإشارات المرورية وبجوار الأسواق والصرافات الآلية، مع فارق الحيل التي يلجأون إليها لاستدرار عطف السامع، عبر عاهات مستديمة أو إبراز وريقات تحمل أختاما وكلمات تفيد بأن حاملها، أو من يعيلهم، يعاني أمراضا أو أزمات تتطلب مبالغ كبيرة لعلاجها أو حلها، في ظل غياب مكافحة التسول عن محاربة هذه الظاهرة التي صارت عنوانا لبعض الشوارع. «عكاظ» التقت بشاب معاق من جنسية عربية يتكئ على ركبتيه في مشهد محزن، يطلب المساعدة من الزبائن أو من أصحاب محال قطع غيار السيارات التي توقف عندها متسولا، وعند سؤاله عن العاهة التي يعاني منها أوضح أنه يعاني من شلل القدمين منذ صغره، وحضر من بلده العربي قبل فترة وجيزة لاستغلاله من قبل من قام بإحضاره بممارسة مهنة التسول، حيث تكثر مثل هذه النماذج في هذا الشهر الفضيل. فيما كان ينتظر طفل من جنسية أفريقية يجلس بجوار أحد الصرافات الآلية بالنماص قدوم مستخدميه لطلب الإحسان من كل شخص يمر من عند هذا الصراف. وعند سؤاله عن كيفية مجيئه وتركه رغم صغر سنه في الشوارع ليل نهار، رد: أنا وخمسة أطفال آخرين يقوم (عمنا) بتوزيعنا عند الصرافات الآلية كل ليلة، وخصوصا في رمضان ويطلب منا البكاء والإلحاح على الناس بطلب المساعدة، وإلا فالعقاب ينتظرنا. وعن أهله أجاب: «والدتي تعمل خادمة في شهر رمضان، ووالدي لا أعلم عنه شيئا، والرجل الذي أعمل عنده في التسول هو عمي، ولا بد أن أنفذ كل ما يقول حتى لا يعاقبني هو أو أمي». أما النموذج الثالث، فكان لامرأة من جنسية عربية تحمل بين ذراعيها طفلة رضيعة يبدو عليها الوهن من كثرة حملها طوال اليوم في الشوارع والطرقات، وبعد أن أنهكها التعب استقر الحال بالأم وصغيرتها عند بوابة أحد المتاجر الشهيرة لبيع المواد الغذائية لاستدرار عطف المتسوقين. وذكرت المتسولة لمسن سألها عن حالها، فأجابت بأنها حضرت قبل عام ونصف العام مع زوجها، متخذين أحد الجبال مع مجموعة من بني جلدتهم مأوى لهم، مضيفة بأنهم يعيشون على صدقات المحسنين من الناس، وعن مكان زوجها أوضحت بأنه يقوم بالتسول في مكان آخر، وكل منهما يعود بغنيمته من التسول في آخر الليل.