يوشك أن ينصرم شهر الخير والرحمات، شهر الصلات والصدقات، شهر الصيام والقيام، ونحن في أحسن حال في هذه البلاد المسلمة الآمنة المطمئنة: خير عميم، ورخاء مقيم، وأمن وأمان، ودعة وطمأنينة وسعة رزق، وموائد عامرة بما لذ وطاب في كل بيت وكل دار، حتى على قارعة الطريق، حيث تمتد السفر والموائد بإفطار الصائمين أمام المساجد وداخلها. أما في الحرمين الشريفين المسجد الحرام والمسجد النبوي، فيجد الصائم كل مايصبو إليه في إفطاره من رطب أو تمر وماء زمزم وخبز ولبن وسوى ذلك كثير، يتسابق على تقديمه الناس حرصًا على نيل الأجر والثواب فيحجز كل منهم ركنًا من أركان المسجدين يمد فيه سفرته ويعرض ما لديه من طعام وشراب ويتسابق الجميع في الخيرات حتى يتسابقون على دعوة المصلين لموائدهم في مظهر من مظاهر الأخوة الإسلامية التي لا مثيل لها عند شعوب الأرض قاطبة. في ظل كل هذا الرخاء وكل هذا النعيم في ذلك الشهر الكريم، لابد لكل منا أن يتذكر إخوة وأخوات لنا من أهل الشام الذين ضاقت بهم الأرض بما رحبت، فهم إن كانوا ماكثين في مدنهم وقراهم فهم معرضون لأن تدك بيوتهم على رؤوسهم ورؤوس أطفالهم، وإن كتبت لهم الحياة فأي حياة؟ جوع وحرمان وبؤس وشقاء وعوز وفاقة، لا يجدون كسرة الخبز ولا جرعة الماء قبل أن ينعموا بافطار غني في شهر رمضان كما كانت عليه حالهم من قبل، حين كانت سورية مضرب المثل في وفرة الطعام والشراب ورغد العيش، وكان الناس يقصدونها من كل حدب وصوب ليأكلوا ويشربوا وينعموا بخيراتها الوفيرة وثمارها النضرة وخضرواتها الندية وحلوياتها الفخيمة، وموائدها الطويلة العريضة في دمشق وحلب وحمص وحماة والزبداني وبلودان وهلم جراء في كل بقعة من بقاعها المزدهرة. وأذكر أن صديقًا حميمًا لي من لبنان هو الشيخ محمد دالي بلطة - رحمه الله- كنت إن زرته فثي مدينته صيدا المدينة السنية الجنوبية التي تتعرض اليوم لمؤامرات عدة، أذكر أنه كان يصر على أن أصحبه إلى سورية وإلى بلودان تحديدًا في رحلة تزيد قليلًا عن ساعة لنأكل في منتزه "أبوزاد" ونستمتع بمنظر بساتين التفاح أسفل منا، ونطرب لخريرالمياه من كل حدب وصوب. كل هذا النعيم تحول إلى جحيم، واقفرت تلك البلاد العامرة تحت وطأة الأحداث الأليمة التي يعشيها السوريون. ولا يبدو أن حلًا عاجلًا يلوح في الأفق، فقد دبت الخلافات بين القوى الوطنية المقاومة للحكم الظالم في سورية، وهو عين ما يريده النظام المجرم، وفي الوقت الذي تخلت فيه كثيرمن القوى العالمية عن دعم ثوار سورية، بعد أن اختلطت الأوراق، وظهرت منظمات إرهابية في الساحة كداعش وسواها. وأمام كل هذه المآسي والأحزان لابد أن نمد أيدينا لأهل السنة من أهل سورية بما تجود به أنفسنا لسد رمقهم وإطعام أطفالهم وشيوخهم ونسائهم، وأن تكون تبرعاتنا ودعمنا ومساندتنا، عبر الهيئات والمنظمات الخيرية الشرعية في بلادنا ضمانًا لوصول المساعدات إلى من يستحقها سواءً في داخل سورية أو في البلدان التي لجأ إليها مئات الآلاف من الفارين بدينهم وأعراضهم وأبنائهم مثل لبنان والأردن وتركيا. ونحمد الله أن لدينا منظمات وهيئات عدة ذات سمعة عالمية عريضة، تتقدمهم جميعًا هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية التي كان لها قصب السبق في إغاثة إخوتنا السوريين منذ بداية اندلاع الأزمة، فقدمت لهم الغذاء والكساء والدواء، ووفرت لهم المأوى الكريم، وقبل ما يزيد قليلًا عن عام دشن السفير السعودي لدى لبنان مركز استقبال النازحين السوريين في منطقة البقاع الذي انشأته هيئة الإغاثة، كما وقعت بروتوكولات تعاون بين الهيئة وعدد من المؤسسات التعليمية والطبية لمساعدة النازحين. وقعها عن الهيئة أمينها العام الأستاذ إحسان بن صالح طيب. كما قدمت الهيئة عبر مكتبها في لبنان مبالغ مالية طائلة وصلت إلى ملايين الريالات وذلك لتنفيذ حملات إغاثية للنازحين السوريين في لبنان، وشملت هذه المساعدات مختلف المناطق اللبنانية مثل وادي خالد والبقاع وبيروت وسواها. وكانت للهيئة جهود مماثلة في الأردن الذي وزعت فيه آلاف السلال الغذائية والبطانيات والأدوية وسواها من المساعدات، حظي بها اللاجئون في الأردن. ومرة أخرى، لابد لنا من أن نفكر ونحن ننعم في بيوتنا آمنين مطمئنين في إخوتنا السوريين الذين لا يجدون ما يقتاتون به في استقبالهم لعيد الفطر، والأبواب مشرعة أمامنا من خلال هيئانا الخيرية الشرعية النظامية لنقدم لهم ما تجود به أنفسنا، وفي مقدمتها هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية. Moraif@kau.edu.sa للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (53) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain