تزكية الأمير عبدالله بن مساعد رئيساً للجنة الأولمبية لم تكن حدثاً في حد ذاته باعتبار أن الجميع كان يتوقع أن يؤول المنصب باستقالة الامير نواف بن فيصل إليه، وإن الترتيبات التي تمت في الجمعية العمومية غير العادية إنما هي إجراءات رسمية كان لا بد لها أن تتم لاعتبارات قانونية وشكلية صرفة. الحدث في الجمعية العمومية – في ظني – هو السؤال الصعب الذي طرحه الأمير عبدالله في ثنايا كلمته بعد تزكيته حينما قال أمام أعضاء الاتحادات الرياضية: "لماذا نتائج السعودية في الأولمبياد وأسياد آسيا لا تتناسب مع مكانة السعودية؟"، وهو السؤال الذي أكاد أجزم أنه انطلق باتجاه الحاضرين من رؤساء الاتحادات كرصاصة استقرت في قلب الفشل. أهمية السؤال أن الاستفهام فيه بدا استنكارياً، وهو ما يمكن تسميته بسؤال العارف؛ بدليل أنه أردفه بإجابات مباشرة وواضحة المغزى حين قال: "بالتأكيد المال له دور، ولكن هناك دولاً أقل من السعودية في الصرف على الجانب الرياضي، ولديها إنجازات رياضية أكثر في الأولمبياد، أو آخر ثلاث دورات آسيوية، وهذه الأشياء التي سندرسها، وبالتأكيد هناك أسباب كثيرة". إجابة الأمير عبدالله المقتضبة على سؤاله الملغوم كانت كافية لتمرير الرسالة كبرقية عاجلة لمن يهمه الأمر، فهي كانت واضحة وضوح الشمس في عز ظهيرة الرياض هذه الأيام، وهي وفق – رؤيتي الخاصة – تقول لرؤساء الاتحادات لاسيما ممن قضوا أكثر من دورة رئاسية في اتحادات جماعية أو فردية خصوصاً ممن يديرون ضمن اتحاداتهم جملة ألعاب لا تعدو غثاء كغثاء السيل إنّ وقت الحساب قد حان! غياب مبدأ الثواب والعقاب كان مشكلة من بين عديد مشاكل عانت منها اللجنة الأولمبية، ودفعت فاتورتها الرياضة السعودية من عمرها وسمعتها، فالانجازات على ضآلتها ومحدوديتها لم تكن ترتد على الاتحادات الناجحة بأكثر من تهنئة صحفية معلبة ومكافآت مالية متواضعة، أما الإخفاقات وهي التي كانت كفرض عين تؤديه أغلب الاتحادات الرياضية في معظم الاستحقاقات التي تخوضها فكانت تمر مرور الكرام دون حسيب أو رقيب، بل الأدهى والأمر أن التجديد لرؤساء تلك الاتحادات كان أمراً مقرراً كزكاة تؤديها اللجنة الأولمبية. لا بديل اليوم عن مبدأ العصا والجزرة إذا كان الأمير عبدالله بن مساعد يريد معالجة هذا الواقع السيىء، ولعل حديثه في معرض إجابته على السؤال الذي طرحه في الجمعية العمومية عن المال وأهميته إنما هو لإدراكه بقيمته كوقود لأي إنجاز، ولقطع الطريق على المتعللين به؛ لكنه لم يغفل الأسباب الأخرى التي أكد أنها ستكون محل دراسة مستفيضة، وعليه فلا بد أن يدرك كل رئيس اتحاد أنه في مرمى المحاسبة عند أي إخفاق كما أنه سيكون في محل التقدير عند الانجاز. آسياد إنشتون المقبلة ستكشف للأمير عبدالله "البير وغطاه"، حيث سنشاهد ألعاباً يفترض أنها تكون بمثابة الغلة التي تملأ خزانة الرياضة السعودية بألوان الميداليات وهي تتساقط الواحدة تلو الأخرى، وسيقف على ألعاب جماعية ستكون كما العادة ضيفة شرف على الاستحقاقات القارية؛ وسيكون ذلك بمثابة الضارة النافعة، وهذا ليس تشاؤماً وإنما وقوف على الواقع الذي يهرب منه الجميع وأولهم مسؤولو اللجنة الاولمبية ورؤساء الاتحادات، وإن غداً لناظره قريب.