مكة المكرمة على موعد مع الإنجاز وقد لا يكون ما يجري تنفيذه من مشاريع مجرد إنجاز بل قد يرتقي إلى ما هو أكثر، عطفاً على ظروف الزمان وضجيج المكان في هذه المدينة المقدسة شرفها الله. تشرفت الأسبوع الماضي بأداء العمرة وأتيحت لي الفرصة أن أرى بعض مواقع المشاريع في طريق خروجي من الحرم المكي الشريف ومنها الجهة الشمالية حيث توسعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز. وما رأيته جزءاً من المشروع الذي لم ينته بعد ولا زال قيد الانشاء وهو بمثابة ورشة عمل كبرى يندر ان نشاهدها في مكان آخر من العالم بسبب نوعية المشروع والمساحة والمكان والاستخدام اليومي من قبل ملايين المصلين والمعتمرين. ومثل هذ المشاريع فيها من التعقيد والصعوبات ما لا يخطر على بال مثل تنقل العمالة والمعدات وايصال المواد المستخدمة في البناء. مشاريع تنموية تشهدها مكة المكرمة داخل الحرم وخارجه من توسعات للمطاف والساحات المحيطة ومشاريع القطاع الخاص المجاورة بالإضافة الى المشاريع الموازية المؤدية للحرم المكي مثل تطوير المناطق العشوائية وعددها 66 حيا في مكة المكرمة والتي ظلت عشوائية لعقود تركز فيها الكثير من العمالة المخالفة لنظام الإقامة. بالإضافة لمنظومة النقل العام وشبكة القطارات وطريق الملك عبدالعزيز الموازي لشارع أم القرى والذي سيساهم عند انتهائه في تسهيل حركة النقل من وإلى المسجد الحرام عبر البوابة الرئيسية لمكة المكرمة. مشاهد تثلج الصدر يضاف لها حسن التنظيم داخل وخارج الحرم المكي الذي يقوم عليه موظفو القطاعات الحكومية العسكرية والمدنية وكذلك مستوى النظافة الذي تحسن كثيرا عن الأعوام السابقة. انها عزيمة الرجال في أن يتم التخطيط لهذه المشاريع الجبارة والعمل على تنفيذها بالتزامن دون تأثير على روحانية المسلمين وفي وقت الرخاء الاقتصادي بحيث تخصص مئات المليارات لخدمة المدينتين المقدستين. وعندما تنتهي هذه المشاريع ستكون شاهدا على حقبة من التنمية لم يشهد لها التاريخ مثيلا من حيث الحجم والمساحات المطورة وسيستفيد منها قاصدو بيت الله الحرام لعقود طويلة قادمة. وجب علينا جميعا أن نثني على مثل هذه المبادرات والمشاريع وأن نساندها بما أوتينا من قدرة وألا نكون ممن يقف حجر عثرة أمام تنمية المدينتين المقدستين والحرمين الشريفين، وللأسف أن هناك بعض الأصوات التي تظهر بين الحين والأخر وتنتقد وتهمز وتلمز وتنادي بعدم البناء والتطوير او المساس بالحرمين وابقاؤهما على حالهما. هؤلاء تجاوزهم الزمن فهم لا يرون أبعد من يومهم ولا يفكرون بالمصلحة العامة التي تحتم الاستثمار في تطوير المدينتين المقدستين متى أتيحت الفرصة لخدمة الأجيال القادمة. بارك الله في جهود خادم الحرمين الشريفين حفظه الله وولي عهده الأمين وجهود جميع العاملين في خدمة الحرمين الشريفين.