قبل أعوام، راهن الكثيرون على أن تكون وسائط الاتصال الجديدة البديل الأمثل لوسائل الإعلام التقليدية خاصة في ظل تجمدها في عالم اليوم المتغير بسرعة كبيرة، اليوم العديد من هؤلاء الكثيرين بدأ يراجع موقفه مجددا في اعتبار أن البديل بدأ يكشف كثيرا من سوأته في انتشار أكبر للشائعة وللمواعظ الزائفة ذات المصادر غير المؤكدة. وفيما ما زال العديد ينشرون الأخبار غير المؤكدة والنصائح غير المستندة علميا إلا أن أعداد من يتبرعون بتقديم الحقيقة وكشف الزيف في المادة المنشورة أخذ في التزايد؛ إذ ظهرت أخيرا مواقع إلكترونية وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي تتصدى للأخبار والصور ذات المصداقية الضعيفة أو الخاطئة لتعيدها إلى درب الموضوعية من أبوابها المهنية. وإلى جانب المواقع التي تعمل بشكل دوري على قتل الشائعات في وسائل التواصل الاجتماعي ينشط أفراد أيضا في مواقع مثل "الواتساب" و"تويتر" في دحض أخبار أو معلومات مغلوطة تتناول غالبا موضوعات اجتماعية أو إعلامية بارزة. ويشير عبد الرحمن بن حريب وهو مدرس تاريخ إلى معلومات مغلوطة دينية وتاريخية تنشر في "برودكاست" تتضمن تجييشا ضد أحد أو جهة عبر المبالغة في سرد الوقائع لصالح جهة ما؛ الأمر الذي يستفز العاقل ليعيد الطرح الذي يتناقله الآخرون بالتسليم في صحته إلى جادة الصواب؛ لكن الأمر المقلق في ذلك هو أن هذه الجهود قد لا تغطي مساحة انتشار الشائعة أو المادة المغلوطة وفقا للمدرس ابن حريب، الذي يلفت إلى أهمية تشكيل جبهة علمية لمواجهة ما ينشر من كذب أو خطأ على أقل تقدير بعضها متعلق بأحاديث نبوية شريفة تعتمد على روايات ضعيفة يجري نشرها بين البسطاء. ومن أخطر ما يجري نشره أيضا تلك المواد التي تدعو إلى التشدد في أوساط معتدلة؛ وهو الذي بدأ واضحا أنه يجابه من السعوديين اليوم بشكل أكبر مما كان قبل أعوام بعد تجارب مثيرة للاشمئزاز من آثار التطرف وانكشاف الكثير من عوراتها وهو ما قاد إلى حملة أكبر مناهضة لها في أوساط السعوديين الذين تلقوا تعليما أكثر تأصيلا.