أظن أننا اليوم اقتنعنا أن مجرد وفرة المال لن يطور تعليماً، فـ كوريا وسنغافورة اللتان تتمتعان بسمعة تعليمية عالمية لا تختلف عنا في مقدار الصرف على الطالب، بل إن وفرة المال قد يكون عائقاً أمام تقدم التعليم، فقد كشفت التجارب أن أفضل الحلول وأنجعها لا تظهر غالباً إلا وقت العسر. إن وفرة المال يصاحبها عادة ضعف المحاسبة والظن بأن المال كفيل بحل مشكلات التعليم، كما أن وفرة المال قد يعلم البعض المداهنة والنفاق والمجاملة والتزلف للقيادات العلياء بحثا عن مصالح خاصة. أما إذا تزامن مع وفرة المال وجود قيادات تعليمية متمكنة قادرة على استشراف المستقبل، وقادرة على رسم خارطة الطريق التي تقود نحو ذلك المستقبل فإن فرص تطور وتقدم النظام التعليمي تصبح مؤكدة. اليوم يتوفر في بلادنا كوادر تعليمية عالية التأهيل والتميز قادرة على المشاركة الفاعلة في قيادة التعليم، لكن العقبة الكؤود تكمن في عجز صانع القرار عن الوصول إلى تلك الكوادر في ظل التعتيم الذي يحاط به. في يقيني أن اختيار قيادات التعليم يجب أن يكون هو الشغل الشاغل لسمو وزير التربية كخطوة أولى أساسية، أما المعيار الذي يجب أن يحتكم إليه صانع القرار لكي يصل إلى المؤهلين للمشاركة في قيادة التعليم فهو: إلى أي حد سيكون هذا القيادي قادراً على إحداث فرق في إنجازات الطلاب؟ لا يهم إطلاقا من أي عشيرة أو عائلة أو قبيلة أتى هذا القيادي، أو من أي دفع رباعي يأتي دعم هذا القيادي. وهذا يتطلب بالطبع وجود فريق نوعي محترف في وزارة التربية يوصي للوزير باختيار القيادات التربوية.