عَجَلَة الكِتَابة حسن محمد شعيب طفَحَ على الساحة بعضُ المغترّين بالهُرَاء مما أمطرتْهُ قرائِحُهم المُتَقرّحة في لحظاتٍ من الإلهام أو الهَلْوَسَة ، في خَطَراتٍ سَطْحيّةٍ لا تتجاوز القُشُور ممّا زيّنَهُ لهم مُعْجَبُوهم الحقيقيُّون والوهميّون في ساحاتِ الواقع ووسائط اللاواقع إلكترونياً بمزيدِ الإعجابِ وكثيرِ المُتابعةِ الزّائفة ؛ فتضخّمتْ أنَاهُم وقد تلبّستْ بوَهْمِ الكِتَابَةِ الحَالِمَة ، وتَمَادَوْا في غَيّهِم ، وتطاوَلَتْ أقلامُهم المُتقزّمة ؛ لتنالَ مُباركةَ الكبار من أهلِ القلَم وأرْبابه الذينَ ترَفّعَ معظمُهم عن إيقافِهم على حقيقةِ حَالِهم البائسة ؛ فظنّوا سكوتَهم قَبُولاً ؛ فانطلقوا هائِمينَ على صفحاتِهم الإلكترونيّة حتى لم يردَعْهُم وازعٌ من عقْلٍ أو أدب ؛ ليجترِئوا على الوَرَق الذي لا أدري كيف احتمل كلماتِهم الساذجة ؟! وكيف استطاعتْ تلك الأغلفةُ البرّاقةُ - بكل ما أوتيَتْ من إمكانات الخط والتشكيل واللون - أن تهْضِمَ بين دَفّاتها تلك الغَبَرات الغير سائغة ؟! لتكتملَ المَلْهَاةُ في مَسْرح الثقافة وعلى أرْضِهَا بمعارض الكِتابِ ؛ يَعْتَلُونَ مَنَصّاتِ التّوْقِيعِ على صفحاتِ الوَهْمِ يتّبِعُهُم الغاوُونَ منْ كلّ فَجّ ! يحكي الرّوائي العالمي جابرييل جارسيا ماركيز موقفاً له - في مقالةٍ بعنوان كيف تكتب رواية ؟ يقول : جاء إلى بيتي في مدينة مكسيكو شابٌ في الثالثة والعشرين من العمر ، كان قد نشر روايته الأولى قبل ستة شهور ، وكان يشعر بالنصر في تلك الليلة ؛ لأنه سلّم لتوّه مخطوط روايته الثانية إلى ناشر .. أبديتُ له حيرتي ؛ لتسرّعهِ وهو لا يزالُ في بداية الطريق ، فردّ عليّ باستهتار : أنتَ عليكَ أن تفكّر كثيراً قبل أن تكتب ؛ لأن العالم بأسره ينتظرُ ما ستكتبهُ ، أما أنا فأستطيعُ أن أكتب بسرعة ؛ لأن قلةً من الناس يقرءونني .. عندئذٍ فهمتُ ؛ فذلك الشاب قرّر سلفاً أن يكونَ كاتباً رديئاً - كما كان في الوقع – إلى أن حصل على وظيفة جيدة في مؤسسة لبيع السيارات المستعملة ، ولم يعد بعدها إلى إضاعة وقته في الكتابة. * آخر خَطْرَة : يقول الروائي الأمريكي إرنست همنجواي : إن الكتابة قد تبدو سهلة ، غير أنها في الواقع أشقُّ الأعمال في العالم . Shuaib2002@gmail.com