المدينة المنورة الشرق تصدح بين أروقة المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة من جهة التوسعة الغربية للمسجد أصوات طلبة العلم المنتسبين لـ «معهد المسجد النبوي» وهم يتلون القرآن الكريم مع مشائخهم في صورة روحانية تتجاوب معها الأنظار والمسامع والأفئدة المؤمنة التي تخشع لذكر الله. ويجسد معهدا الحرم المكي والمسجد النبوي، اللذان يدرس بهما قرابة 1200 طالب يمثلون أكثر من 60 جنسية عربية وإسلامية، رسالة الحرمين الشريفين وعالميتهما، حيث يتخرج فيهما سنوياً مئات الطلاب لخدمة دينهم ومجتمعاتهم، وإبراز الصورة المشرقة والوجه الحضاري للمملكة، بالإضافة إلى الدعوة إلى الله، بعد أن نهلوا من العلم، ليكونوا منارات هدى وتقى، ودعاة اعتدال ووسطية على منهج قويم. وكان الأمير فيصل بن سلمان أمير منطقة المدينة المنورة، رعى مؤخراً حفل تخريج الدفعة الأولى من القسم العالي في معهد المسجد النبوي، الذي يتلقّى فيه الطلاب مختلف العلوم وفق منهج دراسي معتمد بمعهد المسجد النبوي، وتحت مظلة الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، إذ يمكِن لطلبة العلم الحاصلين على شهادة المرحلة الابتدائية مواصلة طلبهم للعلم الشرعي للمرحلة المتوسطة، ثم الثانوية، فضلاً عن القسم العالي الذي يوازي دبلوماً عالياً في كليات الشريعة بالجامعات السعودية دون اشتراط سن معينة للطالب، فيما يؤدي جميع الطلبة الاختبارات بالتزامن مع المعاهد والجامعات بالمملكة، وبقية الجهات العاملة في التعليم العام، ومن مميزات الدراسة في المعهد العالي للمسجد النبوي أن جميع الشهادات الصادرة منه للطلاب الخريجين؛ تعد معتمدة. جملة من الأمور يتميز بها معهد المسجد النبوي، ومنها وجوده داخل المسجد النبوي مما أضفى عليه مزية وفضيلة خاصة عن غيره من حلق العلم في المساجد الأخرى، كما يتيح المنهج العلمي الشرعي المؤصل، إذ يدرس الطلاب كتب أهل العلم المتقدمين، والاهتمام بحفظ المتون العلمية والتميز في طريقة التعلم. ذلك التميز لم يأت من فراغ، حيث أن طيبة الطيبة كانت وما زالت مأوى لأفئدة المسلمين، اختارها الله تعالى لتكون مهاجر المصطفى صلّى الله عليه وسلّم، ومنها شعّ نور الهدى إلى أرجاء المعمورة؛ فكان المسجد النبوي الشريف الجامعة الأولى في الإسلام، حيث كان يلتف الصحابة حول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، يتلقون علوم القرآن الكريم، فيتعلمون ويُعَلّمون المنهج السليم. وسعى المعهد لتحقيق رؤية واضحة وذلك بتخريج العلماء والدعاة؛ ليرقى بنفسه ووطنه، ويسعى إلى النهوض بمسيرة أمته، على هدي من كتاب الله عزّ وجلّ وسنة رسوله صلّى الله عليه وسلّم، يحملون العقيدة السليمة والعلم الشرعي المؤصل؛ ليكونوا مشاعل نور وهدى، ينشرون العلم والخير في أنحاء المعمورة وفق منهج شرعي وسطي مؤصل . كما يهدف المعهد لعمارة المسجد النبوي بدروس العلم من خلال حلقات علمية منتظمة، ومستويات علمية متفاوتة، تحتضن طلاب العلم وترسخ منهج الوسطية والاعتدال، بالإضافة إلى أنها تمنح المتخرجين منهم الشهادات العلمية، من خلال ربط الطلاب بكتاب الله عزّ وجلّ وسنة النبي صلّى الله عليه وسلّم، وتكوين طلبة وعلماء متخصصين في علوم الشريعة الإسلامية، لينهضوا بمسؤولياتهم مستقبلاً في تعليم أجيال الأمة ما تحتاج إليه في أمر دينها، وليكونوا مشاعل هداية تضيء الطريق للسالكين في مختلف البلدان، وبشتى اللغات. وحول بدايات المعهد وتطوره، أوضح مدير معهد المسجد النبوي الدكتور محمد الخضيري، أن المعهد افتتح فصوله مع بداية العام الدراسي 1423-1424هـ، حيث بدأت الدراسة بفصل واحد هو الأول المتوسط، وكان عدد طلابه الذين أدّوا الامتحانات 56 طالباً يدرّسهم 4 مدرسين، قبل أن تفتتح الفصول تباعاً مع توالي السنوات، وما زال العدد ينمو والإقبال يزيد، حتى وصل العدد في العام الدراسي الحالي إلى 1160طالباً.