×
محافظة المنطقة الشرقية

دعوي الأحساء يسهم في إسلام 11 ألف وافد

صورة الخبر

العمل الوحدوي الإسلامي موضوع يشغل الضمير الإسلامي منذ أمد ليس بالقصير، يدفعه إدراك لتأخر الموقع الإسلامي عن سالف عصره، أو بمقارنته بما تحقق لبعض الاتحادات من قوة وتمكين، أو في مواجهة قوة اتحادية تحاربه وتقصيه، هذه الدوافع الثلاثية حركت العمل - أو هكذا يجب أن تكون - إلى دعوة للوحدة الإسلامية تبنتها اتجاهات مختلفة، بدأت بالتنوع المقبول إلى حد التباين أو التناقض والتضاد المرفوض، هذا أمر، وأمر ثان وهو أن دعوات الوحدة لم تأت بنتائج على الأرض مثل المتوقع والمنتظر منها، أو مقارنة بضخامة الجهود المبذولة لتحقيقها. الوحدة الإسلامية بين مرحلة الفكرة ومرحلة الواقع لديها من التجربة ما يستحق القراءة لفهم ما جرى، واستطلاع ما يأتي به مستقبلها. وإذا كانت الحياة والوقائع والأحداث مليئة بالأجوبة، فإن مهمتنا كمفكرين هو البحث عن أسئلة صحيحة تكشف ظروف الفكرة وعمقها ومفهومها؟ والتحولات والتطورات التي لحقتها في المفهوم والآليات؟ وتمرحلاتها والتحديات التي صاحبتها؟ ووسائل تحقيقها وكيف تم توظيفها؟ وأسئلة أخرى في هذا السياق تفرض أهمية القراءة والكشف عن جدارة التجربة وتقويمها، وما هو منها في الاتجاه الصحيح فتتم تغذيته، وما كان في الاتجاه الغلط ليتم تجاوزه. لست هنا لأعطي أجوبة نهائية عن هذه الأسئلة، وبالطبع ليست هناك نهائية للأفكار الفاعلة إلا عندما تتصنم في الأذهان، لكنني أشارك في اقتراح الأجوبة لتكون موضوعاً للدرس والتداول، ولست أخلي نفسي من مسؤولية المشاركة أو المحاولة في الفهم عبر نقاط تشكل محاور بحث حول هذا الموضوع الراهن، والحساس أيضاً وجدانياً شعورياً، وسياسياً بامتياز أحياناً. أولاً: إذا كان إشكال كل شيء في مفهومه، فهل كان وهل أصبح مفهوم الوحدة الإسلامية واضحاً ومتطوراً بما يكفي وبما يكشف عن مراده؟ ولو كان كذلك فلماذا يفهمه البعض ونفهمه من ممارسات دعاته على نحو التطابق الذي لا يسمح بالتنوع والتعدد! إن الكلام عن الوحدة الإسلامية هو في الأصل كلام عن اجتماع بشري، وللطبيعة البشرية تأثيراتها الفاعلة من نحو (التنوع والتنازع والنقص)، وفي حال تفترض فيها الوحدة الإسلامية أو غيرها من الوحدويات انتفاء هذه الطبائع فإن ذلك مخادعة كبيرة للذات، والأمر كذلك في حقيقة الدين وطبيعة التدين، فالنص الديني يخاطب البشر لتكميل فطرهم وتعديل سلوكهم وحفظ حقوقهم، لكنهم في تحقيق ذلك وتطبيقه مختلفون في فهمهم وإدراكهم، ومختلفون في قدراتهم وإمكاناتهم، كل هذا يجعلني أفهم أن الوحدة الإسلامية التي تحقق طبيعة البشر وتحترم طبيعة التدين ليست إلا التعاون، وهو المعنى الجميل الذي جاء به القرآن الكريم في قوله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى)، الأمر الذي يحتم حل الإشكالات التي تطرأ في إطار أخوي حميمي: (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم). إن تجربة رائدة للوحدة الإسلامية تحققت في عصر التنزيل: (محمد رسول الله والذين معه)، كانت تعي كل الحقائق الدينية والبشرية، وأعطت نتائج النصر والتمكين لكل الوجود الإسلامي والإنساني، ومن هنا فنحن مدعوون إلى فهم الحال الإسلامية في بواكيرها، قراءة فكرية تستخلص الأسس وتصنع المنطلقات وبمعطيات عصر التطبيق وظروفه. ثانياً: ما الذي تحقق من دعوة الوحدة الإسلامية في واقع الناس الفكري والسلوكي؟ أم أنها تحولت كغيرها من الدعوات الدينية والقومية إلى مجرد وعود يتنعم بها أقوام ويصطلي بها آخرون؟ إن الوعود التي لا يجدها الناس في واقع حياتهم ومتقلب معاشهم مهما كانت براقة، ومهما كانت تحمل من ألفاظ التقديس فهي حلم يقظة. ثالثاً: مرت وتمر في حياة المسلمين وقائع وأحداث حروب ومجاعات وجهل وظلم وغياب وتغييب ولم يكن لمشروع الوحدة الإسلامية أثر يذكر أو تأثير في دوائر القرار العالمي، ما يبرر القول إن الوحدة الإسلامية مستثمرة وموظفة لأغراض سياسية وحزبية وطائفية، وما لم تتحرر فلن تتقرر. رابعاً: كيف يفهم المسلمون شكل علاقتهم مع بعضهم وعلاقتهم بغيرهم في ضوء مناهج وأساليب ومصالح مختلفة للوحدة الإسلامية إلى حد «مع أو ضد»؟ المسلمون حديث ذو شجون، وحتى لا يتحول التعاون الإسلامي إلى وعود مجردة فيجب أن تتحول إلى واقع ملموس في مناهج التعليم وسلوكيات التربية، وفي الفتاوى والأحكام، وكذلك في مجتمع منتج لا مستهلك فقط، وفي اقتصاد لا يتجاوز أحكاماً شرعية أو يعطل مصالح مرعية، وفي سياسة تمثل الإسلام وأهله.