×
محافظة المدينة المنورة

سمو الأمير فيصل بن سلمان يوجه باستمرار عمل النقل الترددي بالمدينة المنورة طوال العام

صورة الخبر

لا تظن أن المقصود وصف الدراجة أو الحديث عنها، فوجه الدراجة هذا مرض ــ وقاك الله منه ــ يصيب الأشخاص الذين يركبون الدراجات، أما إن كنت ذكرا فاطمئن لأن هذا المرض أكثر ما يصيب النساء اللاتي تسول لهن أنفسهن ركوب الدراجات. وهذا المرض اكتشف في الغرب أواخر القرن 19م عندما بدأت النساء في ركوب الدراجات، فأطلق الأطباء صيحاتهم التحذيرية من ظهور أعراض مرض غريب، يصيب راكبي الدراجات سموه (وجه الدراجة)، وقالوا إنه يؤثر على ملامح الوجه، ويسبب تورم العيون وترهل الفك، كما يسبب الصداع والاكتئاب والأرق وتغير في نبضات القلب، ورغم أنه يصيب الرجال والنساء، إلا أن النساء أكثر عرضة للإصابة به، واختلف الأطباء فيما بينهم في صفة المرض، فبعضهم ذكر أنه مؤقت يزول متى ابتعد الإنسان عن ركوب الدراجة، وبعضهم قال إنه دائم ولا أمل في الشفاء منه، كذلك اختلفوا في تعليل حدوثه، بعضهم أشار إلى إنه يحدث لصعوبة حفظ التوازن أثناء ركوب الدراجة، وبعضهم يرى أنه يحدث بسبب الجهد المبذول أثناء الركوب. ورغم أن مرض (وجه الدراجة) هذا، لم يكن شيئا حقيقيا، إلا أن القول به شاع بين الناس ــ آنذاك ــ وأثار التوجس لدى بعضهم!! الحديث عن مرض (وجه الدراجة) ورد في مقال منشور في إحدى الدوريات الطبية، عثرت عليه ابنتي رؤيم التي تدرس الطب ووجدت فيه طرافة وشيئا قالت أنه (قد يعجبني)، فأرسلته لي. الطرافة في المقال المذكور تتمثل في تصوير ردود فعل الناس في أوروبا وأمريكا في أواخر القرن 19م عندما بدأت النساء تركب الدراجات، وكيف ظهرت المقاومة لذلك على يد أولئك الذين كانوا ممتعضين وكارهين لما كان يحدث، وإلى أي مدى بلغت الادعاءات الكاذبة والمخاوف الوهمية من ركوب النساء الدراجات!! ردود الفعل هذه لا تبدو لنا غريبة ولا منكرة، نقرأها فنحس أنها وليدة اليوم وليس القرن 19م ، فهي تذكرنا بشيء نعرفه لا يزال يطوقنا ينام ويصحو معنا، فردود الفعل هذه نشم فيها رائحة عربية تربطنا بما نعيشه حاليا من ردود فعل تجاه قيادة المرأة للسيارة. وما يبدو هو أن هذا التشابه بيننا وبينهم في الامتعاض من ركوب المرأة الدراجة أو قيادتها للسيارة ينبع من بئر واحدة، هي كراهية (الحركة النسوية) التي تقف وراء ذلك، خصوصا أن كثيرا من اللاتي ركبن الدراجات كن من الناشطات في حركة المطالبة بمنح المرأة حق التصويت. كانت كثيرا من مبرراتهم للامتعاض تتشابه مع مبرراتنا؛ مثل القول إن ركوب الدراجة يتسبب في تغيير المفاهيم التقليدية عن الأنوثة، ويعطي المرأة قدرة أكبر على الحركة والتنقل، ويشجعها على ارتداء ملابس تتناسب مع الرياضة فتتحرر من قيود العصر الفيكتوري الموضوعة على لباس النساء. أما الأكثر طرافة، فهو أن التشابه بيننا وبينهم في محاولات منع النساء من قيادة السيارة وركوب الدراجة بلغ حد الزعم بادعاء إصابة المرأة بأمراض وهمية تنجم من ركوبها الدراجة أو قيادتها السيارة. وكما قال بعض الممانعين لدينا أن قيادة المرأة للسيارة تسبب أضرارا للحوض والمبايض، قال المعارضون لديهم إن ركوب المرأة الدراجة يسبب إصابتها بمرض (وجه الدراجة).